العسل، وهذا منها على مقتضى طبيعة النساء في الغيرة، وليس بكبيرة بل صغيرة معفو عنها مكفرة بنحو الصلاة والطهارة كما مر اهـ من الإرشاد.
قوله:(كدت أن أبادئه) وفي بعض الروايات (أبادره) وفي بعضها (أناديه) والمعنى أني كنت أهاب عائشة وأخاف أن تغضب علي إذا أنا أبطأت في سؤال رسول الله صلى الله عليه وسلم عما علمتني عائشة فكدت أن أبادره بالسؤال عن ذلك وهو بالباب قبل أن يدخل البيت.
وإنما كانت سودة تهاب عائشة لما تعلم من مزيد حب النبي صلى الله عليه وسلم إياها فخشيت إذا خالفتها أن تغضبها وإذا أغضبتها لا تأمن عليها خاطر النبي صلى الله عليه وسلم ولا تحتمل ذلك فهذا معنى خوفها منها قاله الحافظ.
قوله:(سبحان الله، والله لقد حرمناه) قالت ذلك تندمًا على ما فعلت، وفيه إشارة إلى ورعها لأنها وافقت أولًا على دفع ترفع حفصة عليهن بمزيد الجلوس عندها بسبب العسل ورأت أن التوصل إلى بلوغ المراد من ذلك لحسم مادة شرب العسل، ولكن أنكرت بعد ذلك أنه يترتب عليه منع النبي صلى الله عليه وسلم من أمر كان يشتهيه وهو شرب العسل فأخذت سودة تتعجب مما وقع منهن في ذلك ولم تجسر على التصريح بالإنكار ولا راجعت عائشة بعدما قالت لها: اسكتي بل أطاعتها وسكتت لما تقدم من اعتذارها في أنها كانت تهابها كذا في فتح الباري.
قولها:(اسكتي) كانها خشيت أن يفشو ذلك فيظهر ما دبزته من احتيالها لحفصة، وفيه ما يشهد بعلو مرتبة عائشة عند النبي صلى الله عليه وسلم حتى كانت ضرتها تهابها وتطيعها في كل شيء تأمرها به حتى في مثل هذا الأمر مع الزوج الذي هو أرفع قدرًا.
ثم في هذا الحديث فوائد منها أن الغيرة مجبولة في النساء طبعًا فالغيراء تُعذر في ما يقع منها من احتيال فيما يدفع عنها ترفع ضرتها عليها بأي وجه كان قاله الحافظ، ومنها أن عماد القسم الليل وأن النهار يجوز فيه الاجتماع بالجميع بشرط ترك المجامعة إلا مع صاحبة النوبة، ومنها أن الأدب استعمال الكنايات فيما يستحيى من ذكره كما في قوله في الحديث (فيدنو منهن) والمراد التقبيل والتحضين لا مجرد الدنو، ومنها أن فيه