ولكنه لم يكتم جوابه ديانة منه رضي الله عنه، ولكن القرطبي استبعد قول الزهري لأن عمر أوصاه في نفس الحديث بأن يسأله عما يشاء ولا يمنعه من ذلك الحياء والمهابة فكيف يكره عمر هذا السؤال، والأصح أنه رضي الله عنه إنما تعجب من ابن عباس كيف خفي عليه هذا القدر مع شهرته في علم التفسير وعظيم موقعه في نفس عمر ومع كونه حريصًا على العلم.
وعبارة القرطبي: هنا (قولا عمر واعجبًا لك يا ابن عباس) فهم الزهري من هذا التعجب إنكار عمر لما سأله عنه، وفيه بعد، ويمكن أن يقال إن تعجبه إنما كان لأنه استبعد أن يخفى مثل هذا على مثل ابن عباس مع مداخلته لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم وشهرة هذه القصة وشدة حرصه هو على سماع الأحاديث وكثرة حفظه وغزارة علمه، ولما كان في نفس عمر من ابن عباس فإنه كان يعظمه ويقدمه على كثير من مشايخ الصحابة كما اتفق له معه إذ سأله عن قوله تعالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (١)} والقصة مشهورة اهـ من المفهم (ثم) بعد جوابه (أخذ) أي شرع عمر (يسوق) أي يذكر (الحديث) أي تمامه إلى آخر القصة التي كانت سبب نزول الآية المسؤول عنها، فـ (قال) عمر: (كنا) أخص (معشر قريش) وجملة الاختصاص معترضة أي كنا ونحن بمكة قومًا نغلب النساء أي قومًا يغلبون النساء أي نحكم عليهن ولا يحكمن علينا، ففيه التفات (فلما قدمنا المدينة وجدنا قومًا تغلبهم نساؤهم) ويحكمن عليهم يعني الأنصار (فطفق نساؤنا) أي شرعن (يتعلمن من نسائهم) عادتهن وسيرتهن يعني غلبة الرجال وولاية أمرهم فجعلن يكلمننا ويراجعننا (قال) عمر: (وكان منزلي) وداري في منازل (بني أمية بن زيد) أي وسطها، حالة كونها (بالعوالي) موضع قريب بالمدينة أي في مواضعهم بالعوالي فسميت البقعة باسم من نزلها كذا في عمدة القاري وبنو أمية فرع من أوس كذا يؤخذ من الفتح، وفي الإرشاد: والعوالي قرية من قرى المدينة مما يلي الشرق وكانت منازل الأوس (فتغضبت) أي غضبت (يومًا) من الأيام (على امرأتي) زينب بنت مظعون لأمر غضبت منه (فإذا هي تراجعني) أي تراددني في الكلام (فأنكرت) عليها (أن تراجعني) في