رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة (أخرى ققلت) له: أ (أستأنس) بتقدير همزة الاستفهام أي أأطلب منك (يا رسول الله) الإذن لي في المحادثة معك والمؤانسة بك فهل تأذن لي في ذلك (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نعم) أذنت لك في المؤانسة والمحادثة معي.
والظاهر من كلمة إجابته صلى الله عليه وسلم بقوله:(نعم) أن الاستئناس هنا هو الاستئذان في الإنس والمحادثة، ويدل عليه قوله:(فجلست) عنده ولا يبعد فيه تقدير الاستفهام كما قررناه، ودل الحديث على أن الإنسان إذا رأى مهمومًا وأراد إزالة همه ومؤانسته بما يشرح صدره ويكشف همه ينبغي له أن يستأذنه في ذلك لئلا يأتي بما لا يوافقه فيزيده همًا وغمًا، وهذا الاستئذان من الأدب بين يدي الأكابر والعلماء اهـ من إكمال المعلم (فـ) لما أذن لي (جلست) عنده صلى الله عليه وسلم مؤانسًا له بالمحادثة الموافقة له في إزالة غضبه (فـ) لما جلست (رفعت رأسي) لأنظر ببصري إلى ما (في البيت) والغرفة من المواعين والأمتعة، وفي رواية البخاري (فرفعت بصري في بيته) أي نظرت فيه (فوالله ما رأيت فيه) أي في البيت (شيئًا يرد البصر) أي يحمله على تكرار النظر (إلا أُهبًا) يضم الهمزة وفتح الهاء جمع أهبة أي إلَّا جلودًا (ثلاثة) لم تدبغ أو مطلقًا دُبغت أو لم تدبغ (فقلت: ادع الله) عزَّ وجلَّ (يا رسول الله أن يوسّع) ويبسط الرزق (على أمتك) أمة الإجابة (فقد وسّع) الله عزَّ وجلَّ وبسط الرزق (على فارس والروم وهم) أي والحال أنهم (لا يعبدون الله) تعالى ولا يستحقون التوسعة (فـ) لما قلت ذلك (استوى) واعتدل عن اتكائه (جالسًا) حال مؤكدة لعاملها، وكان متكئًا كما في رواية البخاري معناه لم يكن استواؤه قائمًا بل جلس مستويًا غير متكئ (ثم قال) لي (أفي شك أنت يا ابن الخطاب) أي هل أنت في شك أن التوصع في الآخرة خير من التوسع في الدنيا، وفي رواية البخاري (أوَفي هذا أنت يا ابن الخطاب) بهمزة الاستفهام الإنكاري وواو العطف على مقدر بعدها، قال الكرماني: أي هل أنت في مقام استعظام التجملات الدنيوية واستعجالها يا بن الخطاب (أولئك) الفُرس والروم