أتم الآية أي تلت هذه (الآية) إلى آخرها و (قالت) في الاستدلال عليهم (هذا) النهي المفهوم من أول الآية بقوله: لا تخرجوهن (لمن) أي لزوج (كانت له مراجعة) عليها أرادت به الرد على قول مروان من منعه المبتوتة من الانتقال من بيتها، واستدلت عليه بأن الآية إنما تضمنت نهي غير المبتوتة من الخروج بقرينة قول الله سبحانه:{لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} تقول: (فأي أمر يحدث بعد) تمام الطلقات (الثلاث فكيف) تمنعونها من الخروج ثم (تقولون: لا نفقة لها إذا لم تكن حاملًا فعلام تحبسونها) في المسكن أي فلأي شيء تمنعونها من الخروج والانتقال إذا لم تكن عليها رجعة بخلاف غير المبتوتة فإنها بصدد أن يحدث لمطلقها أمر إما بالارتجاع أو باستئناف النكاح. قال القرطبي: ظاهر كلامها هذا إنما هو رد على مروان في منعه البائن من الانتقال من بيتها لأنها كانت تجيز الخروج للبائن على نحو ما أباحه لها النبي صلى الله عليه وسلم وكأنها فهمت من مروان أو نُقل إليها أنه يمنع البائن من الخروج مطلقًا فاستدلت بأن الآية التي تلتها إنما تضمنت النهي عن خروج المطلقة الرجعية لأنها بصدد أن يحدث لمطلقها رأي في ارتجاعها ما دامت في عدتها فكأنها تحت تصرف الزوج في كل وقت، وأما البائن فليس لها شيء من ذلك فيها فيجوز لها أن تخرج إذا دعتها إلى ذلك حاجة أو خافت عورة كما أباح لها ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، هذا ظاهر صدر كلامها مع مروان غير أن عجز كلامها هذا يظهر منه أن منازعتها لمروان إنما كانت في النفقة لها فكان مروان لا يراها لها وهي تراها لها وهو ظاهر قولها فكيف تقولون لا نفقة لها إذا لم تكن حاملًا، وليس كذلك فإنها قد نصت في أول الحديث على أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا نفقة لك" فكيف تخالف هي هذا النص وتقول إن النفقة لها، وهذا محال وكان هذا وهم من بعض الرواة في قوله فكيف يقولون لا نفقة لها إذا لم تكن حاملًا، وقولها:(فعلام تحبسونها) معناه فلأي شيء تمنعونها من الانتقال إذا لم تكن عليها رجعة، وقد دل على هذا قوله فاستأذنته في الانتقال فأذن لها وهذا ما ظهر لي والله تعالى أعلم. وعلى الجملة فحديث فاطمة كثرة اضطرابه قاصمة فما أولاه لاختلاف معناه ولفظه بقول عمر الذي جعل الله تعالى الحق على لسانه وقلبه من قوله ولها السكنى لا النفقة وهذا مذهبه اهـ من المفهم. وأجاب الجصاص عن اعتراضها في أحكام القرآن (٣/ ٥٦٤) بأن