وهذا السند من خماسياته، ورجاله كلهم كوفيون إلا أبا سفيان فإنه مكي أو واسطي وجابرًا فإنه مدني، ومن لطائفه أن فيه رواية تابعي عن تابعي.
(قال) جابر رضي الله عنه (أتى النبي صلى الله عليه وسلم) وجاءه (النعمان بن قوقل) بقافين مفتوحتين بينهما واو ساكنة آخره لام بن أصرم بن فهر بن ثعلبة بن غنم بن عمرو بن عوف، ذكره موسى بن عقبة وابن إسحاق فيمن استشهد بأحد وكان شهد بدرًا وأخرج البغوي من طريق خالد بن مالك الجعدي قال: وجدت في كتاب أبي أن النعمان بن قوقل الأنصاري قال: أقسمت عليك يا رب أن لا تغيب الشمس حتى أطأ بعرجتي في خُضر الجنة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لقد رأيته يطأ فيها وما به من عرج" وأخرج ابن قانع وابن منده من طريق أبي إسحاق الفزاري عن الحسن بن الحسن عن أبي ثابت بن شداد بن أوس قال: قال النعمان فذكر نحوه، قال ابن منده يروى هذا الحديث لعمرو بن الجموح، وأخرج مسلم من طريق شيبان بن عبد الرحمن عن الأعمش عن أبي سفيان وأبي صالح عن جابر نحو حديث قبله متنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم النعمان بن قوقل فقال: يا رسول الله إذا صليت المكتوبة وحرمت الحرام وأحللت الحلال أأدخل الجنة قال: "نعم ... " إلى آخر ما في الإصابة، ويقال إن قوقلًا لقب واسمه ثعلبة انتهى من الإصابة في تمييز الصحابة.
(فقال) النعمان (يا رسول الله أرأيت) أي أخبرني (إذا صليت) الصلاة (المكتوبة وحرمت الحرام) كله، قال النووي: قال ابن الصلاح: الظاهر أنه أراد به أمرين: أن يعتقده حرامًا، وأن لا يفعله، بخلاف تحليل الحلال فإنه يكفي فيه مجرد اعتقاده حلالًا وإن لم يفعله (وأحللت الحلال) أي اعتقدت حِليته، وهذا كله كناية عن الوقوف عند حدود الشرع والله أعلم، وقال القرطبي: معنى أحللت الحلال اكتسبت الحلال، ومعنى حرمت الحرام امتنعت من كسب الحرام هذا عرف الحلال والحرام في الشرع، وأما في أصل الوضع فيصلح أن يطلق الحلال على كل ما للإنسان أن يفعله شرعًا ولا يمتنع منه، والحرام على ما مُنِعَ الإنسانُ من فعله مطلقًا انتهى منه.