(فلاعنها) أي فلاعن هلال امرأته (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبصروها) أي أبصروا امرأة هلال وانظروا ولدها، وامرأة هلال قد ظهر كذبها بالأمارات والقرائن وغلب على ظن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها كاذبة فلعله صلى الله عليه وسلم أراد تبرئة هلال بن أمية رضي الله عنه في أنظار العامة لأنه من الصحابة البدريين الأجلاء ولذلك أمرهم بالنظر في شبه الولد لئلا يبقى في صدور الناس ما يتهمون به هلالًا بالكذب وتظهر براءته بالأمارات الظاهرة إن لم تظهر بالبينة والقضاء والله أعلم (فإن جاءت به) أي بالولد (أبيض سبطًا) أي مسترسل الشعر منبسطه (قضيء العينين) أي فاسدهما بكثرة دمع أو حمرة أو غير ذلك (فهو) أي الولد (لهلال بن أمية) لشبهه به (وإن جاءت به أكحل) أي أسود كالكحل من الكحل بفتحتين وهو سواد في أجفان العين خلقة (جعدًا) أي منقبض الشعر (والجعد) بفتح الجيم وسكون العين إذا وُصف به الشعر فهو ضد السبط يعني هو ما كان فيه التواء، وإذا وُصف به الرجل فهو معصوب الخلق شديد الأسر أو القصير المُردّد أو البخيل فإذا أردنا بالسبط في الفقرة الأولى المسترسل الشعر فالمراد ها هنا ضده وإن أردنا بالسبط هناك تام الخلق فالمراد هنا القصير المتردد والله سبحانه وتعالى أعلم (حمش الساقين) بفتح الحاء وسكون الميم، ويقال أحمش الساقين معناه دقيق الساقين من الحموشة وهي الدقة (فهو) أي ذلك الولد (لشريك بن سحماء) لشبهه به (قال) أنس: (فأُنبئت) أي أُخبرت (أنها جاءت به كحل جعدًا حمش الساقين) يعني على خلاف شبه هلال بن أمية، وعن عكرمة فيما أخرجه أحمد عن ابن عباس رضي الله عنهما أن ولدها صار بعد ذلك أميرًا على مصر أي على مصر من الأمصار لا البلد المشهور، وكان يدعى لأمه وما يدعى لأبيه كذا في الفتح [٩/ ٤٠١] في باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لو كنت راجمًا امرأة إلخ.
قال القرطبي: وقوله صلى الله عليه وسلم أبصروها مع ذكر النعوت المتقدمة في هلال وفي شريك يدل على أن هذا كان منه تفرسًا وحدسًا لا وحيًا، ولو كان وحيًا لكان