وَذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ يسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ. وَمَنِ ادعَى إلَى غَيرِ أَبِيهِ، أَو انْتَمَى إلَى غير مَوَالِيهِ، فَعَلَيهِ لَعْنَةُ الله وَالْمَلائكَةِ وَالناسِ أَجْمَعِينَ. لا يَقبَلُ الله مِنهُ، يَومَ الْقِيَامَةِ، صَرْفًا ولا عَدْلًا"
ــ
أي نفلًا، أي لا يكون له خير يُقبل منه أحسن القبول (وذمة المسلمين) أي عهدهم وأمانهم (واحدة) أي كالشيء الواحد لا يختلف باختلاف المراتب ولا يجوز نقضها لتفرد العاقد بها مع الكفار، وكان الذي ينقض ذمة أخيه التي عقدها مع الكفار كالذي ينقض ذمة نفسه كأنهم كالجسد الواحد الذي إذا اشتكى بعضه اشتكى كله، والذمة في الأصل ما يُذم الرجل على إضاعته من عهد وأمان كما في المرقاة (يسعى) أي يتولى (بها) بعقدها مع الكفار ويلي أمرها (أدناهم) أي أدنى المسلمين مرتبة وأقلهم درجة بينهم فإذا أمن أحد من المسلمين كافرًا لم يحل لأحد منهم نقضه وإن كان المؤمن وضيعًا اهـ من المرقاة (ومن ادعى) أي انتسب (إلى غير أبيه) المعروف (أو انتمى) أي انتسب (إلى غير مواليه) أي إلى غير من لهم الولاء عليه بأن قال العتيق لغير معتقه أنت مولاي (فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفًا ولا عدلًا) وهذا الحديث بلفظه تقدم في كتاب الحج في باب فضل المدينة وقد بسطنا الكلام عليه هناك فراجعه إن شئت.
وشارك المؤلف في روايته أحمد والبخاري وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والله أعلم.
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب أربعة أحاديث: الأول حديث ابن عمر ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة، والثاني: حديث جابر ذكره للاستدلال به على الجزء الثاني من الترجمة، والثالث: حديث أبي هريرة ذكره للاستشهاد به لحديث جابر وذكر فيه متابعتين، والرابع: حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه ذكره للاستشهاد به ثانيًا لحديث جابر رضي الله عنه والله سبحانه وتعالى أعلم.