للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَال: قَال رَسُولُ الله صَلى الله عَلَيهِ وسلم: "لا يَجزِي وَلَدٌ وَالِدًا إِلا أَنْ يَجِدَهُ مَملُوكًا فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ"، وَفِي رِوَايَةِ ابن أبِي شَيبَةَ: "وَلَدٌ وَالِدَهُ"

ــ

(قال) أبو هريرة (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يجزي ولد والدًا) أي لا يقوم ولد لما عليه لأبيه من حق ولا يكافئه بإحسانه إليه (إلا أن يجده) أي إلا أن يجد ذلك الولد والده ويصادفه (مملوكًا) للناس (فيشتريه فيعتقه وفي رواية ابن أبي شيبة ولد والده) بإضافة الوالد إلى ضمير الولد والإعتاق يترتب عليه بمجرد الشراء عند الجمهور وخالفهم أهل الظاهر فقالوا: لا يترتب العتق بمجرد الشراء بل لا بد من إنشاء عتق واحتجوا بمفهوم هذا الحديث فإن ظاهره أنه لا يقع العتق بمجرد الشراء بل لا بد من إنشاء الإعتاق بعده ودليل الجمهور حديث سمرة بن جندب عند الترمذي وأبي داود وابن ماجه أنه صلى الله عليه وسلم قال: "من ملك ذا رحم محرم فهو حر" قال في المرقاة: وهذا أصرح وأعم من حديث أبي هريرة وقوله محرم بالجر على الجواز لأنه صفة ذا رحم لا رحم وضمير فهو عائد لذا رحم، وهو حجة أبي حنيفة على أن جميع ذوي الأرحام المحرمة يعتقون بالشراء خلافًا للشافعي فإنه يقول: يعتق الأصول والفروع فقط وخلافًا لمالك فإنه يقول يعتق الأصول والفروع والإخوة والأخوات فحسب وأما أبو حنيفة فعمل بكل معنى الحديث فعمم الحكم في جميع الأقارب المحرمين، ويجاب عن استدلال أهل الظاهر بحديث الباب بأنه لما تسبب في عتق أبيه بالشراء نسب العتق إليه، قال السنوسي ويجاب عنه أيضًا بأن الحديث من باب التعليق بالمحال للمبالغة والمعنى لا يجزي ولد والده إلا أن يملكه فيعتقه باختياره وهو محال فالمجازاة محال كما يقال في قوله تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إلا مَا قَدْ سَلَفَ} يعني إن أمكنكم أن تنكحوا ما قد سلف فانكحوه فلا يحل لكم غيره وذلك محال غير ممكن والغرض المبالغة في تحريمه وسد الطريق إلى إباحته كما يعلق بالمحال ويجوز أن تكون الفاء في قوله: (فيعتقه) للعطف التفسيري كما في قوله تعالى: {فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} إذا جعلت التوبة قتل النفس وهو كلام حسن جدًّا اهـ.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي هريرة هذا رضي الله عنهما فقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>