للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ. حَدَّثَنَا عُبَيدُ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَال: نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمُزَابَنَةِ. وَالْمُزَابَنَةُ بَيعُ ثَمَرِ النَّخْلِ بِالتَّمْر كَيلًا. وَبَيعُ الزَّبِيبِ بِالْعِنَبِ كَيلًا. وَعَنْ كُلِّ ثَمَرٍ بِخِرْصِهِ

ــ

الهاشمي الكوفي (حدثنا عبيد الله) بن عمر (عن نافع عن ابن عمر) رضي الله عنهما. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة أبي أسامة لمحمد بن بشر (قال) ابن عمر: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المزابنة) قال ابن عمر: (والمزابنة بيع ثمر النخل) أي رطبه المخروص (بالتمر) اليابس المجذوذ (كيلًا) أي من جهة الكيل في التمر (وبيع الزبيب) اليابس (بالعنب) المخروص على الشجر، وقوله: (كيلًا) راجع إلى الزبيب (و) نهى (عن) بيع كل ثمر) من ثمار الأشجار (بخرصه) أي بقدر مخروصه من اليابس فالباء للمقابلة كيلًا، وهذا تفسير مدرج من ابن عمر. وهذا الحديث صريح في تحريم المزابنة في جميع أنواع الثمار، وهل تجري رخصة العرايا في جميع الثمار أيضًا؟ اختلف فيه الفقهاء فقال أحمد والليث وأهل الظاهر: لا يجوز بيع العرايا في غير النخيل إلا أن يكون مما ثمرته لا يجري فيها الربا واستدلوا بحديث زيد بن ثابت أول الباب حيث قال: (ولم يرخص في غير ذلك) واختاره بعض الشافعية كالمحب الطبري، وقال الشافعي في المشهور عنه: يُلحق العنب بالتمر فيجوز بيع العرايا فيهما ولا يجوز في غيرهما لأن العنب كالرطب في وجوب الزكاة فيهما وجواز خرصهما وتوسيقهما وكثرة تيبيسهما واقتياتهما في بعض البلدان والحاجة إلى أكل رطبهما، وقال مالك: يلحق بالرطب كل ما يدخر فيجوز فيه بيع العرايا، وقال الأوزاعي: يجوز في كل ثمرة. راجع المغني لابن قدامة [٤/ ٦٣ و ٦٤] وفتح الباري [٤/ ٣٢٢]، والأبي [٤/ ٢٠٧]، وأما الحنفية فلم يكن العقد عندهم بيعًا ولا مزابنة فالظاهر عندهم أنه يجوز في جميع الثمار ولم أر تصريحًا منهم اهـ تكملة. وهذا الذي ذكره ابن عمر معنى المزابنة شرعًا ووزنها مفاعلة ولا تكون إلا بين اثنين، وأصلها في اللغة الدفع الشديد، ومنه وُصفت الحرب (بالزبون) لشدة الدفع فيها وبه سمي الشرطي زبنًا لأنه يدفع الناس بعنف وشدة، ومنه زبن الناقة الإناء عند الحلب ولما كان كل واحد من المتبايعين يدفع الآخر في هذه المبايعة عن حقه سميت بذلك هذا معنى المزابنة لغة، وأما معناه شرعًا فقد جاء تفسيرها في هذه الأحاديث بألفاظ مختلفة كما مرت حاصلها عند الشافعي بيع مجهول بمجهول أو بمعلوم

<<  <  ج: ص:  >  >>