للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَال: قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ القَيسِ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ؛ إِنَّا هَذَا الْحَيَّ مِنْ رَبِيعَةَ، وَقَدْ حَالتْ بَينَنَا وَبَينَكَ كُفَّارُ مُضَرَ، فَلَا نَخْلُصُ إِلَيكَ إلا فِي شَهْرِ الْحَرَامِ

ــ

وهذا التنبيه الذي ذكرته ينبغي أن يتفطن لمثله ويستيقظ الطالب لمعرفة هذه الدقيقة ليعرف عظم إتقان مسلم رحمه الله تعالى وجلالته وورعه ودقة نظره وحذقه وحسن سياقه في كتابه.

(قال) ابن عباس رضي الله عنهما (قدم) وحضر (وفد) أي الجماعة المختارة من (عبد القيس) قبيلة مشهورة من بني معد بن عدنان، وهم أربعة عشر رجلًا وقيل سبعة عشر كما مر (على رسول الله صلى الله عليه وسلم) عام الفتح سنة ثمان قبل خروجه صلى الله عليه وسلم إلى مكة (فقالوا) أي قال أولئك الوفد لرسول الله صلى الله عليه وسلم (يا رسول الله) وقوله (إنا) ناصب واسمه وقوله (هذا الحي) أي هذا الشعب منصوب على الاختصاص بعامل محذوف وجوبًا لجريانه مجرى المثل تقديره نخص هذا الحي، والجملة الاختصاصية معترضة بين إنَّ وخبرها جئ بها لتأكيد الكلام وقوله (من ربيعة) خبر إن أي إنا كائنون من قبيلة ربيعة، قال صاحب المطالع: الحي في الأصل اسم لمنزل القبيلة ثم سميت القبيلة به لأن بعضهم يحيا ببعض وإنما قالوا نحن من ربيعة لأن عبد القيس هو ابن أفْصَى بفتح الهمزة والصاد المهملة المفتوحة ابن دَعْمَى بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان ومضر هو أيضًا ابن نزار (وقد حالت) وحجزت (بيننا وبينك كفار مضر) وإنما حالت بينهم لأنهم كانوا ينزلون البحرين وكانت مضر بينهم وبين المدينة فلا يمكنهم الوصول إلى المدينة إلا عليهم (فلا نخلص إليك) أي فلا نصل إليك في المدينة أي لا نقدر الوصول إليك لتعلُّم ديننا (إلا في شهر الحرام) أي إلا في الشهر الذي حرُم فيه القتال وسفك الدماء ونهب الأموال، والمراد به جنس الأشهر الحرم أو رجب ومعنى كلامهم هذا أنا لا نقدر على الوصول إليك خوفًا من أعدائنا الكفار إلا في الشهر الحرام فإنهم لا يتعرضون لنا فيه كما كانت عادة العرب من تعظيم الأشهر الحرم وامتناعهم من القتال فيها، قال الأبي: وإنما لا يخلصون إليه إلا في الشهر الحرام لأن العرب في الجاهلية كانت تُخيف السبل ويُغير بعضهم على بعض إلا في الأشهر الحرم تعظيمًا لها لأن الله سبحانه كان حرم القتال فيها على عهد إبراهيم

<<  <  ج: ص:  >  >>