للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لَقَدْ نَهَى رَسُولُ الله صلى الله عَلَيهِ وَسَلمَ عَنْ أَمر كَانَ بنَا رَافِقا. فَقُلْتُ: وَمَا ذَاكَ؟ وَمَا قَال رَسُولُ الله صلى الله عَلَيه وَسَلمَ فَهُوَ حَق. قَال: سَأَلَنِي كَيفَ تَصْنَعُونَ بِمَحَاقِلِكُمْ؟ فَقُلْتُ: نُؤَاجِرُهَا، يَا رَسُولَ الله! عَلَى الربيعِ أَو الأَوْسُقِ مِنَ التَّمْرِ أَو الشعِيرِ. قَال: "فَلَا تَفْعَلُوا. ازْرَعُوهَا. أَوْ أَزْرِعُوهَا. أَوْ أَمْسِكُوهَا"

ــ

ظهير: (لقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم) قال النووي: هكذا هو في جميع النسخ وهو صحيح تقديره: عن رافع بن خديج أن ظهيرًا عمه حدَّثه بحديث، قال رافع في بيان ذلك الحديث: أتاني عمي ظهير فقال: لقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ وهذا التقدير يدل عليه فحوى الكلام، ووقع في بعض النسخ أنباني بدل أتاني، والصواب المنتظم أتاني من الإتيان كذا في شرح النووي.

(عن أمر) وعمل (كان بنا رافقًا) أي ذا رفق ويسر، وفي الرواية السابقة (كان لنا نافعًا) قال رافع: (فقلت) لعمي ظهير: (وما ذاك) الأمر الذي كان رافقًا بكم فنهاكم عنه (و) لكن (ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو حق) أي واجب الاتباع والتمسك به، وفيه بيان ما كانت الصحابة عليه رضوان الله تعالى عليهم من أنهم كانوا يخضعون لأمر الله ورسوله ويؤثرونه على جميع مصالحهم سواء عرفوا حكمة ذلك الأمر أو لم يعرفوا، وكذلك ينبغي لكل مسلم أن يكون كذلك (قال) ظهير: (سألني) رسول الله صلى الله عليه وسلم عن محاقلنا فقال: (كيف تصنعون بمحاقلكم) ومزارعكم هل تزرعونها بأنفسكم أم تؤاجرونها للناس؟ قال ظهير: (فقلت) له صلى الله عليه وسلم: (نؤاجرها) ونكريها للناس (يا رسول الله على الربيع) أي على اشتراط أن يكون لنا ما ينبت على الربيع يعني النهر الصغير الذي يجري في المزارع للسقي والمراد ما مر من أن يشترط صاحب الأرض لنفسه ما ينبت على الربيع (أو) نؤاجرها على (الأوسق) المسماة من الخارج سواء كانت (من التمر أو الشعير) مثلًا، وهذا الحديث صريح في أن النهي عن المزارعة لم يكن عامًا لكل مزارعة وإنما كان مخصوصًا بهذه الصورة التي يشترط فيها ما ينبت على الربيع أو تشترط الأوسق المسماة من الخارج وكلاهما فاسد لتضمنه الغرر (قال) لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فلا تفعلوا) تلك المؤاجرة يعني المؤاجرة على الربيع أو على الأوسق المعينة (ازرعوها) بأنفسكم (أو أزرعوها) لغيركم ببعض ما يخرج منها أو اجعلوها مزرعة لغيركم منيحة (أو أمسكوها) في ملككم معطلة فارغة.

<<  <  ج: ص:  >  >>