أشجارها وأرضها لأهلها اليهود على أن يعملوا فيها (بشطر) أي بنصف (ما يخرج) ويستغل منها (من ثمر) فيه إشارة إلى المساقاة (أو زرع) فيه إشارة إلى المزارعة كما مر.
وقوله:(بشطر ما يخرج منها) فيه بيان الجزء المساقى عليه من نصف أو ربع أو غيرهما من الأجزاء المعلومة فلا تجوز على مجهول كقوله على أن لك بعض الثمر واتفق المجوزون للمساقاة على جوازها بما اتفق المتعاقدان عليه من قليل أو كثير.
وقوله:(من ثمر أو زرع) يحتج به الشافعي وموافقوه وهم الأكثرون على جواز المزارعة تبعًا للمساقاة وإن كانت المزارعة عندهم لا تجوز منفردة فتجوز تبعًا للمساقاة فيساقيه على النخل ويزارعه على الأرض كما جرى في خيبر، وقال مالك: لا تجوز المزارعة لا منفردة ولا تبعًا إلا ما كان من الأرض بين الشجر، وقال أبو حنيفة وزُفر: المساقاة والمزارعة فاسدتان سواء جمعهما أو فرّقهما ولو عقدتا فسختا، وقال ابن أبي ليلى وأبو يوسف ومحمد وسائر الكوفيين وفقهاء المحدثين وأحمد وابن خزيمة وأبو شريح وآخرون: تجوز المساقاة والمزارعة مجتمعين وتجوز كل واحدة منهما منفردة وهذا هو الظاهر المختار لحديث خيبر ولا يقبل دعوى كون المزارعة في خيبر إنما جازت تبعًا للمساقاة بل جازت مستقلة ولأن المعنى المجوز للمساقاة موجود في المزارعة قياسًا على القراض فإنه جائز بالإجماع وهو كالمزارعة في كل شيء ولأن المسلمين في جميع الأمصار والأعصار مستمرون على العمل بالمزارعة اهـ من النواوي.
(فكان) صلى الله عليه وسلم (يعطي أزواجه) يعني نفقة لهن (كل سنة مائة وسق) أي يقسمها بينهن لئلا تطالبه واحدة منهن تلك السنة وهذا والله أعلم كان بعد أن كان أزواجه طالبنه بالنفقة وأكثرن عليه، ويدل هذا على أن ادخار الإنسان ما يحتاج إليه ويعد للحاجات المتوقعة في الاستقبال ليس قادحًا في التوكل ولا منقصًا منه (ثمانين وسقًا من تمر وعشرين وسقًا من شعير) وقد استدل بهذا من قال إن أكثر أراضي خيبر كانت عند اليهود مساقاة وبعضها مزارعة لأن نصيب أزواجه صلى الله عليه وسلم كان من التمر ثمانين وسقًا ومن الشعير عشرين وسقًا والشعير يكون في الزروع فظهر أن المزارع في خيبر كانت أقل من النخيل، وفيه نظر لأنه يحتمل أن يكون صلى الله عليه وسلم يؤثر