أَصْوَاتُهُمَا. فَمَرَّ بِهِمَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَال:"يَا كَعْبُ! " فَأَشَارَ بِيَدِهِ. كَأَنَّهُ يَقُولُ: النِّصْفَ. فَأَخَذَ نِصْفًا مِمَّا عَلَيهِ وَتَرَكَ نِصْفًا
ــ
أصواتهما فمر بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا كعب فأشار) رسول الله صلى الله عليه وسلم (بيده) الشريفة (كأنه) صلى الله عليه وسلم (يقول): أي يشير إلى كعب بأن ضع (النصف) من دينك وأسقطه (فـ) امتثل كعب أمره صلى الله عليه وسلم و (أخذ) منه (نصفًا مما) كان له (عليه وترك نصفًا) أي أسقط نصفًا، وقوله:(فمر بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم) ظاهره يخالف ما مر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في حجرته فسمع أصواتهما، وأوّله الحافظ في الفتح بأن المراد من المرور في هذا الحديث المرور المعنوي يعني علمه بهما ولا يبعد أيضًا أن يكون صلى الله عليه وسلم مر بهما أولًا فلم يلتفت إليهما في أول مرة حتى دخل حجرته ثم لما ارتفعت أصواتهما كشف سجف حجرته وفعل ما فعل ومثل هذا الاختلاف يسير لا يقدح في صحة الحديث والله أعلم.
ثم إن هذا الحديث من أوضح الدلائل على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يعامل أصحابه دائمًا معاملة حاكم مع رعيته ولا معاملة قاض بين الخصمين بل وربما كان يعاملهم معاملة شيخ مع تلميذ ومعاملة والد مع أبنائه ولم يكن أمره في حديث الباب أمر إيجاب تشريعي وإنما كان أمر ندب وإرشاد وإصلاح بين الناس اهـ من التكملة.
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب ستة أحاديث: الأول: حديث جابر بن عبد الله ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة، والثاني: حديث أنس ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعتين، والثالث: حديث جابر الثاني ذكره للاستشهاد أيضًا، والرابع: حديث أبي سعيد الخدري ذكره للاستدلال به على الجزء الثاني من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة، والخامس: حديث عائشة ذكره للاستدلال به على الجزء الأخير من الترجمة، والسادس: حديث كعب بن مالك ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة.