للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ. فَقَالُوا: أَعَمِلْتَ مِنَ الْخَيرِ شَيئًا؟ قَال: لَا. قَالُوا: تَذَكَّرْ. قَال: كُنْتُ أُدَايِنُ النَّاسَ. فَآمُرُ فِتْيَانِي أَنْ يُنْظِرُوا الْمُعْسِرَ وَيَتَجَوَّزُوا عَنِ الْمُوسِرِ. قَال: قَال اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: "تَجَوَّزُوا عَنْهُ"

ــ

ممن كان قبلكم) وفي رواية عبد الملك بن عمير في ذكر بني إسرائيل عند البخاري (أن رجلًا كان فيمن كان قبلكم أتاه الملك ليقبض روحه) (فقالوا) له: (أعملت) بهمزة الاستفهام الاستخباري أي هل عملت في حياتك (من الخير شيئًا) ولو قليلًا (قال) الرجل: (لا) أي ما عملت في حياتي شيئًا من الخير لا قليلًا ولا كثيرًا (قالوا): أي قالت الملائكة له: (تذكر) ما عملته من الخير ولو قليلًا (قال) الرجل: (كنت) في حياتي (أُداين الناس) أي أُعامل معهم معاملة الدّين بأن باع ماله بثمن مؤجل أو أقرضه لهم أو أسلم إليهم (فـ) إذا حل الدين (آمر فتياني) بكسر أوله وسكون ثانيه أي غلماني كما في رواية، والفتيان جمع الفتى وهو هاهنا الخادم حرًّا كان أو مملوكًا مؤنثه الفتاة يُكنى بهما عن العبد والأمة كما قال تعالى: {تُرَاودُ فَتَاهَا} أي عبدها {عَنْ نَفْسِهِ} وقال أيضًا: {مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} وفيه جواز الإذن للعبد في التجارة والتوكيل عليها والهبات والتقاضي اهـ أبي (أن ينظروا المعسر) أي العاجز عن قضاء الدين الذي حل أجله ويمهلوه من الإنظار وهو الإمهال والتأخير، والمعسر هنا هو الذي يتعسر عليه الأداء في وقت دون وقت فندب الشرع إلى تأخيره إلى الوقت الذي يمكن له ما يؤدي، وأما المعسر بالإفلاس فتحرم مطالبته إلى أن يتبين يساره، والمال كل ما يتمول أو يتملك من عين وعرض وحيوان وغير ذلك ثم قد يخصه أهل كل مال بما يكون غالب أموالهم فيقول أصحاب الإبل: المال الإبل وأصحاب النخل المال النخل وهكذا (ويتجوزوا عن الموسر) من التجوز، وفي رواية البخاري في البيوع (ويتجاوزوا) من التجاوز وكلاهما بمعنى واحد وهو المسامحة في الاقتضاء والاستيفاء وقبول ما فيه نقص يسير والاقتضاء طلب قضاء الحق (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قال الله عزَّ وجلَّ) لملائكته: (تجوزوا) أي سامحوا (عنه) أي عن ذلك الرجل سيئاته. وهذا الحديث انفرد به الإمام مسلم رحمه الله تعالى.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما فقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>