خص القتل بالأسود البهيم ثم رخص فيه أَيضًا (فإنَّه) أي فإن الأسود البهيم (شيطان) حقيقة في كونه ضررًا محضًا لا نفع فيه أو مثل الشيطان للمفسدة الحاصلة منه فكيف يكون فيه منفعة، ولو قدرنا فيه أنَّه ضار أو للماشية لقتل لنص النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم على قتله اهـ من المفهم.
قال النووي: قوله: (فإنَّه شيطان) ليس المراد من الحديث إخراجه عن جنس الكلاب ولهذا لو ولغ في إناء وجب غسله كما يغسل من ولوغ الكلب الأبيض، وقال العيني في العمدة [٦/ ٣٠٥] إن المراد من كونه شيطانًا أنَّه بعيد عن المنافع قريب من المضرة، ثم قال العيني: وهذه أمور لا تُدرك بنظر ولا يُوصل إليها بقياس وإنما يُنتهى إلى ما جاء عن الشارع اهـ.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أَحْمد [٣/ ٣٣٣] , وأبو داود [٢٨٤٦].
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث ابن عمر الثاني بحديث عبد الله بن المغفل رضي الله عنهم فقال:
٣٨٨٨ - (١٥٠٩)(٧٣)(حَدَّثَنَا عبيد الله بن معاذ) بن معاذ العنبري البَصْرِيّ (حَدَّثَنَا أبي) معاذ بن معاذ العنبري (حَدَّثَنَا شعبة) بن الحجاج (عن أبي التَّيَّاح) يزيد بن حميد الضبعي البَصْرِيّ، ثِقَة، من (٥)(سمع مطرف بن عبد الله) بن الشخير العامري أَبا عبد الله البَصْرِيّ، ثِقَة، من (٢)(عن) عبد الله (بن المغفل) على صيغة اسم المفعول بن عبيد بن نهم المزني أبي عبد الرَّحْمَن البَصْرِيّ الصحابي المشهور رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته، ومن لطائفه أن رجاله كلهم بصريون (قال) عبد الله بن مغفل (أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الكلاب) جميعًا لما رآهم يستأنسون بها استئناس الهر فشدد عليهم أولًا في ذلك ثم خفف، ومن أمثلة التشديد في ذلك ما أخرجه أَحْمد في مسنده [٦/ ٣٩١] عن أبي رافع قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقتل الكلاب فخرجت أقتلها لا أرى كلبًا إلَّا قتلته فإذا كلب يدور ببيت فذهبت لأقتله فناداني إنسان من