بالسند السابق (فذُكر) بالبناء للمجهول لم أر من ذكر اسم الذاكر (لابن عمر) رضي الله عنهما (قول أبي هريرة) رضي الله عنه يعني قوله أو زرع (فقال) ابن عمر: (يرحم الله أَبا هريرة كان صاحب زرع) وقال سالم في الرواية السابقة: (وكان أبو هريرة يقول أو كلب حرث وكان صاحب حرث) قال العلماء: ليس هذا توهينًا لرواية أبي هريرة ولا شكًّا فيها بل معناه أنَّه لما كان صاحب زرع وحرث اعتنى بذلك وحفظه وأتقنه، والعادة أن المبتلى بشيء يتقنه ما لا يتقنه غيره ويتعرّف من أحكامه ما لا يعرفه غيره اهـ نووي.
ولعله رضي الله عنه صار كذلك بعد عهد النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وإلا فقد كان في ذلك العهد مسكينًا لا شيء له ضيفًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم يدل عليه قوله عن نفسه على ما ذكره الإِمام البُخَارِيّ في باب حفظ العلم من صحيحه: إن النَّاس يقولون: أكثر أبو هريرة لولا آيتان في كتاب الله تعالى ما حدّثت حديثًا {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى} إلى قوله: {الرَّحِيمُ} إن إخواننا من المهاجرين كان يشغلهم الصفق بالأسواق وإن إخواننا من الْأَنصار كان يشغلهم العمل في أموالهم أي القيام على مصالح زرعهم وإن أَبا هريرة كان يلزم رسول الله صلى الله عليه وسلم بشبع بطنه ويحضر ما لا يحضرون ويحفظ ما لا يحفظون اهـ.
وقال أَيضًا على ما ذكره البُخَارِيّ في باب مناقب جعفر بن أبي طالب الهاشمي: إن النَّاس كانوا يقولون أكثر أبو هريرة وإني كنت ألزم رسول الله صلى الله عليه وسلم بشبع بطني حتَّى لا آكل الخمير (أي الخبز المجعول فيه الخميرة) ولا ألبس الحبير (أي الجديد) ولا يخدمني فلان ولا فلانة وكنت ألصق بطني بالحصباء من الجوع وإن كنت لأستقرئ الرَّجل الآية هي معي كي ينقلب بي فيطعمني وكان أخير النَّاس للمسكين جعفر بن أبي طالب كان ينقلب بنا فيطعمنا ما كان في بيته حتَّى إن كان ليخرج إلينا العكة التي ليس فيها شيء فيشقها فنلعق ما فيها اهـ من بعض الهوامش.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:
٣٨٩٩ - (٠٠)(٠٠)(حدثني زهير بن حرب حَدَّثَنَا إسماعيل بن إبراهيم) بن مقسم