تابعي (قال) ابن عباس: (بلغ عمر) بن الخطاب في زمن خلافته (أن سمرة) بن جندب رضي الله عنه كما وقع مصرحًا في رواية الزعفراني عند البيهقي (باع خمرًا) واختلف العلماء في كيفية بيع سمرة بن جندب الخمر على أربعة أقوال: الأول: أنه أخذها من أهل الكتاب عن قيمة الجزية فباعها منهم معتقدًا جواز ذلك حكاه ابن الجوزي عن ابن ناصر ورجحه، والثاني: أنه باع العصير ممن يتخذه خمرًا والعصير يسمى خمرًا كما قد يسمى العنب به لأنه يؤول إليه، والثالث: أنه خلل الخمر ثم باع الخل معتقدًا جوازه كما هو مذهب أبي حنيفة، وأما إنكار عمر ذلك على سمرة فيمكن أنه لا يجوز التخليل عنده كما هو مذهب الشافعي رحمه الله تعالى، والرابع: أن سمرة علم بتحريم الخمر ولم يعلم تحريم بيعها ولذلك اقتصر عمر رضي الله عنه على ذَمّه دون عقوبته.
وقد رجح القرطبي وابن الجوزي الوجه الأول، ثم ذكر ابن الجوزي أن سمرة كان واليًا لعمر على البصرة ولكن رد عليه الحافظ في الفتح [٤/ ٣٤٤] بأن سمرة إنما ولي على البصرة لزياد وابنه عبيد الله بعد عمر بدهر وولاة البصرة لعمر قد ضبطوا وليس منهم سمرة، ويحتمل أن يكون بعض أمرائها استعمل سمرة على قبض الجزية والله أعلم هذا ملخص ما في فتح الباري.
(فقال) عمر: (قاتل الله سمرة) قال ابن الأثير في جامع الأصول: [١/ ٤٥١] أي قتله الله وهو في الأصل فاعَل من القتل ويستعمل في الدعاء على الإنسان وقيل معناه عاداه الله والأصل الأول. (قلت): وربما تطلق هذه الكلمة ولا يراد بها معناها الأصلي ولا الدعاء على الإنسان وإنما تطلق على طريق البساطة في الكلام كقولهم: تربت يمينك، وتربت يداك، وويحك، وويلك، فالظاهر أن عمر رضي الله عنه إنما أطلقها بهذا الطريق ولم يرد بها الدعاء حقيقة وهو الظن بالصحابة رضوان الله عليهم (ألم يعلم) سمرة (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لعن الله اليهود حُرّمت عليهم الشحوم) أي شحوم الميتة (فجملوها) أي أذابوها (فباعوها) يعني بالحيلة المذكورة من إذابة الشحم ليزول عنه اسم الشحم لأنه يسمى حينئذٍ ودكًا كما مر فأكلوا أثمانها، قال ابن الأثير: