للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والثاني: إن العلة في الذهب والفضة الثَّمنِيَّة مع اتحاد الجنس وفيما عداهما كونها مطعومة مع اتحاد الجنس وهو قول الشافعي رحمه الله تعالى وهو رواية عن أحمد ودليلهم ما سيأتي ولأن الطعم وصف شرف إذ به قوام الأبدان، والثمنية وصف شرف إذ بها قوام الأموال فيقتضي التعليل بهما، فعلى هذا القول يجري ربا الفضل في سائر المطعومات سواء كانت مكيلة أو موزونة أو عددية كالتفاح والرمان والبيض وغيرها.

والثالث: إن العلة في الذهب والفضة الثَّمنِيَّة مع الجنس وفيما عداهما الادخار مع الجنس وهو قول المالكية، وزاد بعضهم الاقتيات مع الادخار فإن كان الشيء مدخرًا غير مقتات حرم التفاضل فيه عند بعضهم وجاز عند آخرين وإلى تعليل المالكية مال الشيخ الدهلوي في المصفى، واستدلوا بأنه لو كان المقصود الطعم وحده لاكتفى في الحديث بالتنبيه على ذلك بالنص على واحد من تلك الأصناف الأربعة فلما ذكر منها عددًا أنه قصد بكل واحد منها التنبيه على ما في معناه وهي كلها يجمعها الاقتيات والادخار، أما البر والشعير فنبه بهما على أصناف الحبوب المدخر، ونبه بالتمر على جميع أنواع الحلاوات المدخرة كالسكر والعسل والزبيب، ونبه بالملح على جميع التوابل المدخرة لإصلاح الطعام وأيضًا فإنهم قالوا لما كان معقول المعنى في الربا إنما هو أن لا يغبن بعض الناس بعضًا وأن تحفظ أموالهم فواجب أن يكون ذلك في أصول المعايش وهي الأقوات كذا في بداية المجتهد [٢١/ ١٣٠ و ١٣١].

والرابع: أن العلة فيما عدا الذهب والفضة كونه مطعومًا ومكيلًا أو موزونًا مع الجنس فلا يجري الربا في مطعوم لا يُكال ولا يُوزن كالبيض وسائر العدديات المطعومة ولا فيما ليس بمطعوم سواء كانت مكيلة أو موزونة كالزعفران والحديد والنحاس وغيره وهو قول سعيد بن المسيب ورواية عن أحمد وبه قال الشافعي في القديم كما في المغني لابن قدامة [٤/ ٥] واستدلوا بما رُوي عن سعيد بن المسيب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا ربا إلا فيما كيل أو وُزن مما يؤكل أو يُشرب" أخرجه الدارقطني، وقال: الصحيح أنه من قول سعيد ومن رفعه فقد وهم اهـ من التكملة. وإن هذه المذاهب الأربعة هي المشهورة في هذا الباب وإن كانت فيه ستة أقوال أخرى فإنها ليست مشهورة ولا متبعة وقد ذكرها العيني في باب بيع الطعام والحكرة من عمدة القاري [٥/ ٤٩٠].

<<  <  ج: ص:  >  >>