أصرم بن فهر الأنصاري الخزرجي الشامي، مات بالرملة سنة أربع وثلاثين وله (٧٢) سنة رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته رجاله أربعة منهم بصريون واثنان شاميان، وفيه رواية تابعي عن تابعي (قال) أبو الأشعث: (نعم) أحدثكم حديث عبادة، ثم قال أبو الأشعث:(غزونا غزاة) أي غزوة قبل الشام (وعلى الناس معاوية) بن أبي سفيان أميرًا من جهة عمر لا خليفة فإن زمان خلافته متأخر عن ذلك بكثير (فغنمنا) في تلك الغزوة (غنائم كثيرة فكان فيما غنمنا آنية من فضة فأمر معاوية رجلًا) من الجيش (أن يبيعها) أي أن يبيع تلك الأواني (في أعطيات الناس) أي بما يعطاه الناس في الأرزاق من الدراهم، وهذا البيع لهذه الأواني كان بالدراهم ولذلك أنكره عبادة بن الصامت رضي الله عنه واستدل عليه بقوله:(الفضة بالفضة) ولو كان بذهب أو عرض لما كان للإنكار ولا للاستدلال وجه، والأعطيات جمع أعطية وهي جمع عطاء وهو اسم لما يعطى كالعطية، أي أمره أن يبيعها بالدراهم نسيئة إلى أن يخرج عطاء المشتري ورزقه، ورواية البيهقي [٥/ ١٨٢] من طريق خالد الحذاء عن أبي قلابة صريحة في هذا ولفظها عن عبادة بن الصامت أنه شهد الناس يتبايعون آنية الذهب والفضة إلى الأعطية.
(فتسارع) أي تبادر (الناس) أي الجيش (في ذلك) يعني في شراء تلك الأواني بدراهم مؤجلة إلى أخذ أرزاقهم. قال القرطبي:(قوله: فتسارع الناس في ذلك) يعني في شراء تلك الآنية بالدراهم وهو يدل على أقلية العلماء وأن أكثرهم الجهال ألا ترى معاوية رضي الله عنه قد خفي عليه ذلك مع صحبته وكونه من كتاب الوحي، ويحتمل أن يقال: إن معاوية كان لا يرى ربا الفضل كابن عباس وغيره، والأول الأظهر من مساق الخبر فتأمل نصه فإنه صريح في أن معاوية لم يكن علم بشيء من ذلك اهـ من المفهم.
(فبلغ عبادة بن الصامت) رضي الله عنه خبر صنيع الناس من تسارعهم إلى شراء الأواني بالدراهم مع أنها فضة (فقام) عبادة خطيبًا (فقال): يا أيها الناس (إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة) قد تقدم