يحفظ، وكيف لا وهو عَقَبِيٌّ بَدْرِيٌّ شهد ما لم يشهده معاوية وصحب ما لم يصحبه، قال السندي في حواشي النسائي: وهذا استدلال بالنفي على رد الحديث الصحيح بعد ثبوته مع اتفاق العقلاء على بطلان الاستدلال بالنفي وظهور بطلانه بأدنى نظر بل بديهة فهذا جراءة عظيمة يغفر الله لنا وله اهـ.
قوله:(فقام عبادة بن الصامت فأعاد القصة) ولفظ النسائي فبلغ ذلك عبادة بن الصامت فقام فاعاد الحديث وكان بدريًا وكان بايع النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يخاف في الله لومة لائم وإلا لما قام خوفًا من معاوية اهـ من السندي باختصار.
قوله:(وإن رغم) هو بكسر الغين وفتحها. معناه: ذل وصار كاللّاصق بالرغام وهو التراب وفي هذا الاهتمام بتبليغ السنن ونشر العلم وإن كرهه من كرهه لمعنى، وفيه القول بالحق وإن كان المقول له كبيرًا اهـ نووي.
وفي الاستيعاب وأُسد الغابة أن عمر رضي الله عنه كان وجه عبادة بن الصامت إلى الشام قاضيًا ومعلمًا وكان معاوية قد خالفه في شيء أنكره عليه عبادة فأغلظ له معاوية في القول فقال له عبادة: لا أساكنك بأرض واحدة أبدًا ورحل إلى المدينة، فقال له عمر: ما أقدمك؟ فأخبره فقال: ارجع إلى مكانك فقبح الله أرضًا لست فيها ولا أمثالك. وكتب إلى معاوية: لا إمرة لك على عبادة اهـ وقال ابن حجر في الإصابة: ولعبادة قصص متعددة مع معاوية وإنكاره عليه أشياء وفي بعضها رجوع معاوية له وفي بعضها شكواه إلى عثمان منه تدل على قوة عبادة في دين الله وقيامه في الأمر بالمعروف اهـ من بعض الهوامش، وعند النسائي في سننه [٢/ ٢٢١] وكان عمر رضي الله عنه بعث ثلاثة من فقهاء الصحابة إلى الشام بطلب من يزيد بن أبي سفيان فأقام أبو الدرداء بدمشق ومعاذ بفلسطين وعبادة بحمص ثم لما مات معاذ انتقل عبادة إلى فلسطين وأقام بها حتى توفي وكان عبادة يبادر إلى الإنكار على المنكرات إيفاء لبيعته وكانت له مع معاوية رضي الله عنهما أخبار سردها ابن عساكر في تاريخه ومن جملتها هذا الحديث، وقد أخرجه ابن عساكر عن الحسن مرسلًا ونحكيه هنا بلفظه لما فيه من فوائد زائدة عن الحسن قال: كان عبادة بن الصامت بالشام فرأى آنية من فضة يباع الإناء منها بمثلي ما فيه أو نحو ذلك فمشى إليهم عبادة فقال: أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا عبادة بن الصامت، ألا وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في