للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

"إِنَّ فِيكَ خَصْلَتَينِ يُحِبُّهُمَا اللهُ: الْحِلْمُ، وَالأَنَاةُ"

ــ

بفتح العين والصاد المهملتين على الصحيح المشهور الذي قاله ابن عبد البر والأكثرون أو الكثيرون، وقال ابن الكلبي: اسمه المنذر بن الحارث بن زياد بن عصر بن عوف، وقيل اسمه المنذر بن عامر، وقيل المنذر بن عبيد، وقيل اسمه عائذ بن المنذر، وقيل عبد الله بن عوف (إن فيك) أيها الأشج (خصلتين) أي حالتين (يحبهما الله) سبحانه وتعالى هما (الحلم) أي العقل الكامل والفكرة الثاقبة (والأناة) أي التأني والتثبت في الأمور وترك العجلة.

وإنما قلنا الأصح المشهور أن اسمه المنذر بن عائذ لما روى أبو داود من حديث أم أبان بنت الوازع بن زارع عن جدها زارع وكان في وفد القيس قال: فلما قدمنا المدينة تبادرنا من رواحلنا نقبل يد النبي - صلى الله عليه وسلم - ورجله وانتظر المنذر حتى أتى عيبته (بفتح العين والباء الموحدة بينهما ياء ساكنة وعاء يوضع فيه الثياب ثمَّ يوضع على الرحل) فلبس ثوبه ثمَّ أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له: "إنك فيك لخصلتين يحبهما الله ورسوله الحلم والأناة فقال: يا رسول الله أنا أتخلق بهما أم جبلني الله عليهما فقال: بل الله جبلك عليهما قال: الحمد لله الذي جبلني على خلقين يحبهما الله ورسوله" رواه أبو داود (٥٢٢٥) والحِلم بكسر الحاء هنا العقل يقال منه حَلُم الرجل يحلم بضم اللام إذا صار حليمًا، وتحلم إذا تكلف ذلك، والأناة بفتح الهمزة وبالقصر الرفق والتثبت في الأمور، يقال منه تأنى الرجل يتأنى تأنيًا ومنه قول الشاعر:

أناة وحلمًا وانتظارًا بهم غدًا

وقد يقال الحلم على الأناة، وقد ظهر من حديث أبي داود أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - إنما قال ذلك للأشج لما ظهر منه من رفقه وترك عجلته، وقد روي في غير كتاب أبي داود أنَّه لما بادر قومه إلى نبي الله - صلى الله عليه وسلم - تأنى هو حتى جمع رحالهم وعقل ناقته ولبس ثيابًا جُددًا ثمَّ أقبل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - على حال هدوء وسكينة فأجلسه النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى جانبه.

ثمَّ إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لوفد عبد القيس: "تبايعون على أنفسكم وعلى قومكم؟ " فقال القوم: نعم فقال الأشج: يا رسول الله إنك لن تزاول الرجل عن شيء أشد عليه من دينه نُبايعك على أنفسنا وترسل معنا من يدعوهم فمن اتبعنا كان منا

<<  <  ج: ص:  >  >>