للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الرَّجُلَ بَكْرَهُ. فَرَجَعَ إِلَيهِ أَبُو رَافِعٍ فَقَال: لَمْ أَجِدْ فِيهَا إِلَّا خِيَارًا رَبَاعِيًا. فَقَال: "أَعْطِهِ إِيَّاهُ. إِن خِيَارَ النَّاسِ أَحْسَنُهُم قَضَاءً"

ــ

ويدفع (الرجل) المقرض له صلى الله عليه وسلم (بكره) أي بدل بكره فطلب أبو رافع مثل بكره في الإبل فلم يجده (فرجع إليه) صلى الله عليه وسلم (أبو رافع، فقال) لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إني (لم أجد فيها) أي في إبل الصدقة بكرًا مماثلًا لبكره "إلا خيارًا" أي إلا بعيرًا جيدًا من بكره، وقوله: (رباعيًّا) بدل من خيار أو عطف بيان له، وخيار كل شيء أحسنه وأفضله، ويطلق على الواحد والجمع والرباعي مخفف الياء من الإبل ما استكمل ست سنين ودخل في السابعة سُمي بذلك لأنه أطلع وأنبت رباعيته، والرباعية بوزن الثمانية السن التي بين الثنية والناب وهي أربع رباعيات مخفف الياء، والذكر رباع والأنثى رباعية (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي رافع: (أعطه) أي أعط الرجل (إياه) أي رباعيًّا فـ (إن خيار الناس) وأفضلهم (أحسنهم قضاء) للدّين برد الأجود في الصفة أو الأرجح في الميزان، وفيه دليل على أن رد الأجود في القرض أو الذين من السنة ومكارم الأخلاق وليس هو من قرض جر منفعة لأن الممتنع منه ما كان مشروطًا في عقد القرض، وأما إذا لم يكن مشروطًا فيه وتبرع به المديون فلا بأس بأخذه ولا بإعطائه.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود [٣٣٤٦]، والترمذي [١٣١٨]، والنسائي [٧/ ٦٥]. وفي المرقاة عن شرح السنة: فيه من الفقه جواز استسلاف الإمام للفقراء إذا رأى بهم خلة وحاجة ثم يؤديه من مال الصدقة إن كان قد أوصل إلى المساكين اهـ منه.

قال القرطبي: واختلف أرباب التأويل في استسلاف النبي صلى الله عليه وسلم هذا البكر وقضائه عنه من مال الصدقة هل كان ذلك السلف لنفسه أو لغيره فمنهم من قال كان لنفسه وكان هذا قبل أن تحرم عليه الصدقة وهذا فاسد فإنه صلى الله عليه وسلم لم تزل الصدقة محرمة عليه منذ قدوم المدينة وكان ذلك من خصائصه صلى الله عليه وسلم ومن جملة علاماته صلى الله عليه وسلم المذكورة في الكتب المقدمة بدليل قصة سلمان الفارسي فإنه عند قدوم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة جاءه سلمان بتمر فقدمه إليه وقال: كل، فقال: "ما هذا؟ فقال: صدقة، فقال لأصحابه: "كلوا، ولم يأكل، وأتاه

<<  <  ج: ص:  >  >>