للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فِي حُفْرَةٍ فَمَاتَتْ

ــ

وسقطت (في حفرة) أي في حفيرة من أرضها (فماتت) في تلك الحفيرة فسبحان الناصر للمظلوم والمنتقم من الظالم يحكم ما يشاء لا معقب لحكمه.

(تتمة): قال القرطبي: (وقول مروان لما سمع الحديث لا أسألك بينة) قرأناها بفتح الكاف على خطاب سعيد، وفيه إشكال وذلك أن الأرض كانت في يد سعيد وادعت المرأة أنه غصبها إياها، ألا ترى قول عروة إن أروى ادعت على سعيد أنه أخذ لها شيئًا من أرضها فهو المدعى عليه وكيف يكفف المدعى عليه بإقامة بينة على إبطال دعوى المدعِي وإنما القضاء كما قال النبي صلى الله عليه وسلم للحضرمي المدَّعِي: "شاهداك أو يمينه" رواه أحمد والبخاري، وإنما يصلح أن يُخاطب بهذه المدّعِية وعلى هذا فينبغي أن تكون مكسورة ويكون مروان قال ذلك لها: كفًّا لها من تماديها على دعواها لعلمه بصدق سعيد من جهة قرائن أحواله لا أن الخبر الذي ذكره يدل على براءته من دعواها لكن يدل عليها ما كان معلومًا من دين سعيد ومن ورعه وفضله وأنه مشهود له بالجنة وعظم هذا الوعيد الشديد الذي سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم مشافهة مع نزارة هذا القدر المدَّعَى عليه به فحصل عند مروان العلم بصدقه فقال للمرأة: لا أسألك بينة. أي لأنك لا تجدينها بوجه ثم إنه لم يقض بينهما بشيء ولم يحوجه سعيد إلى قضاء بل بادر إلى أن سلم لها ما ادعت وزادها من أرضه فقال: دعوها لها. (قلت): فهذا هو الذي ظهر لي في هذا الخطاب فإنه إن كان متوجهًا لسعيد لزم أن يكون مروان عدل عن جهة القضاء المنصوص عليها التي لا اختلاف فيها، وأن سعيدًا أقره عليها وكل ذلك باطل فتعين ما اخترناه من كون الكاف مكسورة خطابًا للمرأة والله أعلم.

ويعني بـ (البينة) على فتح الكاف من يشهد لسعيد بصحة الحديث الذي رواه كما مر في حلنا لأنه صدّقه في الرواية ولم يحتج إلى الاستظهار بزيادة شهادة غيره على ذلك ولم يرد بالبينة هنا الشهادة التي يستند حكم الحاكم إليها لأنها لا تلزم المدعى عليه فكيف يسقط عنه ما لا يلزم اهـ من المفهم.

(وقول سعيد: اللهم إن كانت كاذبة فأعم بصرها واقتلها في أرضها) دليل على أن سعيدًا استجاز الدعاء على الظالم بأكثر مما ظلم فيه، وفيه إشكال مع قوله تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى / ٤٠] وقوله تعالى {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيكُمْ}

<<  <  ج: ص:  >  >>