صلى الله عليه وسلم) وهذا السند من سداسياته، غرضه بيان متابعة روح بن القاسم لوهيب بن خالد (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألحقوا) أي أوصلوا (الفرائض) أي الأنصباء المقدرة الستة المذكورة في كتاب الله تعالى (بأهلها) أي بمستحقيها المذكورين في كتاب الله تعالى أيضًا الذين بيناهم سابقًا وأعطوهم إياها من تركة الميت وتلك الفروض كما مر آنفًا هي النصف والربع والثُّمن والثلثان والثلث والسدس (فما تركت الفرائض) أي فما بقي من أهل الفرائض بعد أخذهم فروضهم (فلأولى رجل ذكر) أي فأوصلوه وأعطوه لأقرب رجل عاصب للميت، فأقربهم الابن ثم ابن الابن ثم الأب ثم الجد إن لم يُفرض لهما وحاصل ذلك أن الشريعة قسمت الورثة على ثلاثة أقسام: الأول: أصحاب الفروض وهم الذين قررت لهم الشريعة سهامًا مقدرة من النصف والربع والثُّمن كالزوجين والأم وغيرهم، والثاني: العصبات وهم أقارب الميت الذين لم يقدر لهم سهم ولكنهم من أقاربه الذكور كالابن أو يدلون إليه بالذكور كالإخوة والأعمام وحكم هؤلاء أنهم يحوزون ما بقي من أهل الفروض ويحجب الأقرب منهم الأبعد وإن كانوا سواء في القرابة قُسمت حصة العصبات فيما بينهم بالسوية، والثالث: أولوا الأرحام وهم أقارب الميت الإناث كالعمة أو الذين يدلون إليه بالإناث كالخال والخالة وإنهم لا يرثون ما دام أحد من العصبات حيًّا فإن لم يكن من العصبات أحد فحكمهم حكم العصبات.
وقوله:(فلأولى رجل ذكر) قيد الرجل بالذكر مع أن كل رجل ذكر للإيماء إلى أن سبب الإرث في هذا القسم أعني العصبات الذكورية أو إلى أن لفظ الرجل إنما يُستعمل ها هنا في مقابلة الأنثى لا في مقابلة الصغير فكل ذكر من العصبة وارث سواء كان كبيرًا أو صغيرًا. ثم إن الذكورة شرط فيما كان عصبة بنفسه كالابن وأما العصبة بالغير كالبنت مع الابن أو العصبة مع الغير كالأخت مع البنت فلا تشترط فيهما المذكورة فإن إطلاق اسم العصبة عليهما مجاز وإنما ترثان بنصوص أخرى لا بهذا الحديث ثم إن حديث الباب أصل في توريث العصبات، وقد أجمع علماء أهل السنة من أجل هذا الحديث على أن ما بقي من ذوي الفروض يُصرف إلى أقرب العصبات.