للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَتَوَضَّأ ثُمَّ صَبَّ عَلَيَّ مِنْ وَضُوئِهِ. فَأَفَقْتُ. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، كَيفَ أَقْضِي فِي مَالِي؟

ــ

وفرّق بينهما العيني في العمدة [١/ ٨٣٨] بأن الغشي مرض يحصل من طول التعب وهو أخف من الإغماء، وفرّق بين الإغماء والجنون والنوم بأن العقل في الإغماء يكون مغلوبًا، وفي الجنون مسلوبًا، وفي النوم مستورًا (فـ) لما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم مغمى على (توضأ) رسول الله صلى الله عليه وسلم وضوءًا شرعيًّا خفيفًا (ثم صب عليَّ من وضوئه) بفتح الواو يعني الماء الذي توضأ به، قال القرطبي: فيه دليل على جواز المداواة ومحاولة دفع الضرر بما تُرجى فائدته وخصوصًا بما يرجع إلى التبرك بما عظمه الله ورسوله، وفيه ظهور بركته صلى الله عليه وسلم فيما باشره أو لمسه وكم له منها وكم اهـ من المفهم.

وقد استدل به من قال بطهارة الماء المستعمل وأجاب عنه العيني في العمدة [١/ ٨٣٩] بأنه يحتمل أنه صلى الله عليه وسلم صب عليه من الماء الباقي في الإناء (قلت): لا حجة لهم في هذا الحديث، ولو ثبت أنه صلى الله عليه وسلم صب عليه ماءه المستعمل أما أولًا فلأنه يحتمل أن يكون ذلك وضوءًا على الوضوء من غير نية القربة وماؤه المستعمل طاهر بلا خلاف، وأما ثانيًا فلأنه لا يقاس الماء الذي استعمله النبي صلى الله عليه وسلم على الماء الذي استعمله غيره ولما كانت فضلات النبي صلى الله عليه وسلم طاهرة عند الجم الغفير من العلماء فما بالك بمائه المستعمل والله أعلم اهـ من التكملة.

(فأفقت) من إغمائي أي صحوت منه، قال القاضي عياض: فيه عيادة المغمى عليه ومن فقد عقله إذا كان معه من يحفظه من الكشف، وقيل: أما الرجل الصالح العالم الذي يُتبرك به فله ذلك وأما غيره فيكره له ذلك إلا أن يكون مع المريض من يحفظه كما ذكرناه آنفًا، وفيه بركته صلى الله عليه وسلم فيما باشر ودعا فيه اهـ. ثم (قلت: يا رسول الله كيف أقضي) وأفعل (في مالي) وأنا ذو مال وإنما يرثني كلالة، قال القرطبي: سؤال جابر هذا كان قبل نزول آية المواريث على ما يدل عليه قوله فنزلت: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} [النساء: ١١] لأن هذه الآية آية المواريث وكان الحكم قبل نزول هذه الآية بسؤاله وجوب الوصية للأقربين وعلى هذا فيكون معنى سؤال جابر بقوله: (كيف أقضي في مالي) أي كيف أوصي فيه وبماذا أوصي ولمن أوصي فأنزل الله تعالى بسؤاله آيات

<<  <  ج: ص:  >  >>