للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مِنَ الثُّلُثِ إِلَى الرُّبُعِ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَال: "الثُّلُثُ. وَالثُّلُثُ كثِيرٌ".

وَفِي حَدِيثِ وَكِيعٍ: "كبِيرٌ، أَوْ كثِيرٌ"

ــ

الإيصاء (من الثلث إلى الربع) وكلمة لو للتمني فلا تحتاج إلى جواب، والمعنى أتمنى نقصهم في الإيصاء من الثلث إلى الربع وإن كانت للشرط فالجواب محذوف تقديره لو أنهم نقصوا من الثلث إلى الربع كان خيرًا لهم وأحب إليّ وكذلك رواه الإسماعيلي بلفظ كان أحب إليَّ، وفي رواية أخرى كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حكاه الحافظ في الفتح [٥/ ٢٧٧] والغض والغضاضة من باب نصر النقص، ومنه قوله تعالى: {وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ} يعني انقص من جهارته كذا في مجمع البحار للفتني وفي هذا الأثر حجة للحنفية لاستحباب نقص الوصية من الثلث وإن كان الورثة أغنياء.

وقوله: (من الثلث إلى الربع) هذا اجتهاد من ابن عباس رضي الله عنهما في قدر النقص من الثلث، وقد رويت عن غيره مقادير مختلفة فعن أبي بكر رضي الله عنه أنَّه أوصى بالخمس وقال: إن الله تعالى رضي من غنائم المؤمنين بالخمس، وقال معمر عن قتادة: أوصى عمر رضي الله عنه بالربع، وقال ابن إسحاق: السنة الربع، ورُوي عن علي رضي الله عنه: لأن أوصي بالخمس أحب إليّ من الربع ولأن أوصي بالربع أحب إليّ من الثلث.

واختار آخرون السدس وقال إبراهيم: كانوا يكرهون أن يوصوا مثل نصيب أحد الورثة حتَّى يكون أقل وكان السدس أحب إليهم من الثلث، واختار آخرون العُشر كذا في عمدة القاري [٦/ ٤٨٣].

وقوله: (فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الثلث) يكفيك (والثلث كثير) تعليل لما اختاره ابن عباس من النقصان من الثلث وكأنه أخذ ذلك من وصفه صلى الله عليه وسلم الثلث بالكثرة والله أعلم (وفي حديث وكيع) وروايته (كبير) بالموحدة (أو كثير) بالمثلثة، والشك من الراوي، والمعنى فيهما واحد والحاصل منهما أن النبي صلى الله عليه وسلم استكثر الثلث مع أنَّه أجازه أولًا بقوله: فينبغي أن يُنقص منه شيء له بال وهو غير محدود اهـ من المفهم.

وهذا الأثر انفرد به الإمام مسلم رحمه الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>