وعلى كل حال فالمراد أنها ماتت فجأة (وإني أظنها) أنها (لو تكلمت) أي قدرت على الكلام (تصدقت) وتبرعت بمالها، قال القرطبي: ظن ذلك بما علم من قصدها للخير وفعلها للمعروف، وقد رُوي أن هذا السائل كان سعد بن عبادة (احتضرت أمه في غيبة سعد) فقيل لها: أوصي، فقالت: إنما المال لسعد، فتوفيت قبل قدومه فسأل سعد النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك اهـ من المفهم، أ (فلي أجر) بتقدير همزة الاستفهام الاستخباري أي فهل لي أجر وثواب في (أن أتصدق عنها) أي في تصدقي عنها (قال) النبي صلى الله عليه وسلم في جوابه: (نعم) لك أجر في التصدق عنها ذكر المصنف اختلاف الروايات في الحديث فوقع في بعضها (فلي أجر) وفي بعضها (فهل لي أجر) وفي أخرى: (أفلها أجر) وجواب النبي صلى الله عليه وسلم في كلتا الروايتين بنعم فيحصل منه أن الثواب في مثله للمهدي والمهدى إليه كليهما واختلاف الرواة لعله نشأ بأن كلا ذكر ما لم يذكره الآخر وكان السؤال عن أجر كليهما والله أعلم اهـ من التكملة، وعبارة القرطبي في الرواية الآتية (أفلها أجر) ولا تعارض بين الروايتين لأنه يمكن أن يكون سأل النبي صلى الله عليه وسلم بالصيغتين فأجابه بمجموعهما غير أنه حدّث تارة بإحداهما وتارة بالأخرى أو يكون من نقل بعض الرواة عنه ومعنى الجمع بينهما صحيح لأنه يكون لها أجر بما تصدق عنها وله أجر بما برّها به وأدخله عليها اهـ من المفهم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري [٢٧٦٠]، وأبو داود [٢٨٨١]، والنسائي [٦/ ٢٥٠].
(واعلم) أنه قد أنكرت المعتزلة ومن وافقهم في عصرنا من الفرق الباطلة وصول الثواب إلى الميت استدلالًا بقوله تعالى: {وَأَنْ لَيسَ لِلْإِنْسَانِ إلا مَا سَعَى (٣٩)} وأجاب عنه بعضهم بأنه قيدته الأحاديث الصحيحة المشهورة أو خصصته بغير إيصال الثواب أو بأن إهداء الثواب إنما يكون لإيمان المهدي إليه وعمله الصالح وهو من جملة ما سعى في حياته، والأحسن ما أجاب به ابن الصلاح في فتاواه ص (٩) فقال: معنى الآية لا حق له ولا جزاء إلا فيما سعى ولا يدخل فيه ما يتبرع به الغير من قراءة أو دعاء وإنه لا حق له في ذلك ولا مجازاة وإنما أعطاه الغير تبرعًا. وأوضحه شيخ الإسلام ابن تيميمة في فتاواه [٧/ ٤٩٩] بقوله ليس له إلا سعيه وهذا حق فإنه لا يملك ولا يستحق إلا سعي