الخطاب) رضي الله عنهم أجمعين، والفاء في قوله:(فقال النبي صلى الله عليه وسلم): زائدة في جواب لما أي لما حضره الوفاة أي مقدماتها وهي شدة المرض قال النبي صلى الله عليه وسلم: (هلم) أي أقبلوا إلي وائتوني باللوح والدواة (أكتب لكم كتابًا) جامعًا لمصالح دينكم ودنياكم (لا تضلون بعده) أي بعد ذلك الكتاب عن الطريق المستقيم (فقال عمر) بن الخطاب (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كلب) واشتد (عليه الوجع) أي الألم (وعندكم القرآن) فهو (حسبنا) أي كافينا في بيان أحكام ديننا وهو (كتاب الله) تعالى ويصح كون حسبنا خبرًا مقدمًا وكتاب الله مبتدأ مؤخر أي كتاب الله حسبنا، فلا تتعبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بإحضار ما طلب لأنه وجع فيشق عليه إملاء الكتاب، ظهر لسيدنا عمر أن الأمر ليس للوجوب ودل أمره لهم بالقيام من عنده كما يأتي في هذا الحديث على أن أمره بالإتيان بآلة الكتابة كان على الاختيار ولهذا عاش صلى الله عليه وسلم بعد ذلك أيامًا ولم يعاود أمرهم بذلك ولو كان واجبًا لم يتركه لاختلافهم لأنه لا يترك التبليغ لمخالفة من خالف وقد كان الصحابة يُراجعون في بعض الأمور ما لم يجزم بالأمر كما راجعوه يوم الحديبية في الحلاق وفي كتاب الصلح بينه وبين قريش فإذا عزم امتثلوا، وقد عُدَّ هذا من موافقات سيدنا عمر وفراساته واختلف في المراد بالكتاب فقيل كان أراد أن يكتب كتابًا ينص فيه على الأحكام ليرتفع الاختلاف، وقيل بل أراد أن ينص على أسامي الخلفاء حتى لا يقع بينهم الاختلاف قاله سفيان بن عيينة، ويؤيده أنه صلى الله عليه وسلم قال في أوائل مرضه وهو عند عائشة:"ادْعِي لي أباك وأخاك حتى أكتب كتابًا فإني أخاف أن يتمنى متمن ويقول قائل ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر" أخرجه مسلم، وللبخاري معناه والأول أظهر لقول عمر رضي الله عنه:
حسبنا كتاب الله مع أنه يشمل الوجه الثاني لأنه بعض أفراده كما في الفتح.
(فاختلف أهل البيت) أي أهل بيت عائشة من الرجال الذين حضروا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإتيان بأدوات الكتابة أو تركها (فاختصموا) في ذلك وتنازعوا حتى ارتفعت أصواتهم (فمنهم من يقول: قرِّبوا) أدوات الكتابة إلى رسول الله صلى الله