(فاقضه) أي فأوف ذلك النذر (عنها) أي عن أمك، زاد البخاري في النذور من طريق شعيب (فكانت سنة بعد) يعني صار قضاء الوارث ما على المورِّث طريقة شرعية أعم من أن يكون وجوبًا أو ندبًا. وإن هذه الزيادة مما تفرد بها شعيب من بين تلامذة الزهري ورجح الحافظ في الفتح أنها من كلام الزهري، ويحتمل أن يكون من شيخه والله أعلم، قال القرطبي: وفي الحديث من الفقه استفتاء الأعلم ما أمكن، وقد اختلف أهل الأصول في ذلك هل يجب على العامي أن يبحث عن الأعلم أو يكتفي بسؤال عالم أي عالم كان فيه قولان وقد أوضحناهما في الأصول وبيّنا أنه يجب عليه أن يبحث عن الأعلم لأن الأعلم أرجح والعمل بالراجح واجب؟ وقد اختلف في هذا النذر الذي على أم سعد فقيل: إنه كان نذرًا مطلقًا، وقيل صومًا، وقيل عتقًا، وقيل صدقة، والكل محتمل ولا معين فهو مجمل ولا خلاف أن حقوق الأموال من العتق والصدقة تصح فيها النيابة وتصح توفيتها عن الميت والحي، وإنما اختلف في الحج والصوم كما تقدم ذلك في كتابيهما اهـ من المفهم.
وقوله:(فاقضه) أمر بالقضاء على جهة الفتوى فيما سُئل عنه فلا يُحمل على الوجوب بل على جهة بيان أنه إن فعل ذلك صح بل نقول لو ورد ذلك ابتداء وافتتاحًا لما حُمل على الوجوب إلا أن يكون ذلك النذر ماليًا وتركت مالًا فيجب على الوارث إخراج ذلك من رأس المال أو من الثلث كما ذكرناه في الوصايا وإن كان حقًّا بدنيًا فمن يقول بأن الولي يقضيه عن الميت لم يقل إن ذلك يجب على الولي بل ذلك على الندب إن طاعت ذلك نفسه ومن تخيل شيئًا من ذلك فهو محجوج بقوله صلى الله عليه وسلم: "من مات وعليه صيام صام عنه وليه لمن شاء" رواه أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود وهو نص في الغرض.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [١/ ٢١٩]، والبخاري [٦٦٩٨]، وأبو داود [٣٣٠٧]، والنسائي [٦/ ٢٥٣].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ابن عباس رضي الله عنهما فقال:
٤١٠٣ - (٠٠)(٠٠)(وحدثنا يحيى بن يحيى) التميمي النيسابوري (قال: قرأت