للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مِنْكُمْ، فَقَال في حَلِفِهِ: بِاللَّاتِ. فَلْيَقُل: لَا إِلهَ إلَّا اللهُ. وَمَن قَال لِصَاحِبِهِ: تَعَال أُقَامِرْكَ. فَلْيَتَصَدَّقْ"

ــ

منكم) أيها المسلمون (فقال في حلفه باللات) أي أقسم باللات وهو اسم صنم كان لثقيف بالطائف، وقيل: كانت بنخلة تعبدها قريش، وهي فعلة من لوى لأنهم كانوا يلوون عليها ويعكفون للعبادة أو يلتوون عليها أي يطوفون بها اهـ من بعض الهوامش (فليقل لا إله إلا الله) قوله: (فقال في حلفه باللات) فإن قيل كيف يتصور من مسلم أن يحلف باللات أو بغيره من الأصنام؟ فالجواب: أن القوم كانوا حديثي العهد بالشرك وكانت أيمان الجاهلية جارية على ألسنتهم فربما كانت ألسنتهم تنطق بمثل هذه الأيمان من غير أن يتعمدوا ذلك باختيارهم، ويؤيده ما أخرجه النسائي في باب الحلف باللات والعزى عن سعد بن أبي وقاص قال: كنا نذكر الأمر وأنا حديث عهد بالجاهلية فحلفت باللات والعزى فقال لي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: بئس ما قلت، ائت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره فإنا لا نراك إلا قد كفرت، فأتيته فأخبرته فقال لي: "قل لا إله إلا الله وحده لا شريك له - ثلاث مرات - وتعوذ بالله من الشيطان - ثلاث مرات - واتفل عن يسارك - ثلاث مرات - ولا تعد له" وأخرجه أيضًا ابن ماجه وابن حبان وصححه كما في فتح الباري. قوله: (فليقل لا إله إلا الله) قال الخطابي: واليمين إنما تكون بالمعبود المعظم فإذا حلف باللات ونحوه فقد ضاهى الكفار فأُمر أن يتدارك بكلمة التوحيد، وقال ابن العربي: من حلف بها جادًا فهو كافر ومن قالها جاهلًا أو ذاهلًا يقول: لا إله إلا الله يُكفر الله عنه ويرد قلبه عن السهو إلى الذكر ولسانه إلى الحق وينفي عنه ما جرى به من اللغو كذا في فتح الباري [٨/ ٤٧١] وخص اللات بالذكر في هذا الحديث لأنها كانت أكثر ما كانت تجري على ألسنتهم وحكم غيرها من أسماء آلهتهم حكمها إذ لا فرق بينها وبين العزى وغيرها اهـ مفهم. (ومن قال لصاحبه تعال) أي أقبل إليّ (أقامرك) أي ألعب معك لعب القمار (فليتصدق) بشيء من المال، قال العيني: وإنما أُمر بالصدقة تكفيرًا للخطيئة في كلامه بهذه المعصية والأمر بالصدقة محمول عند الفقهاء على الندب بدليل أن مريد الصدقة إذا لم يفعلها ليس عليه صدقة ولا غيرها بل يُكتب له حسنة كذا في عمدة القاري [٣٦/ ١١] وذكر النووي أن الأصح أنه لا يتعين له مقدار فيتصدق بما تيسر له، وقيل: يتصدق مقدار ما أراد أن يُقامر به، والقمار كل لعب تردد بين غُنم وغُرم كالنردشير والطاب والطاولة، قال القرطبي: قوله: (من قال تعال أقامرك)

<<  <  ج: ص:  >  >>