للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ. . قَال: "إِنَّكَ تَقْدَمُ عَلَى قَوْمٍ أَهْلِ كِتَابٍ، فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيهِ عِبَادَةُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَإِذَا عَرَفُوا الله. . فَأَخْبِرْهُمْ: أَنَّ اللهَ فَرَضَ عَلَيهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي يَوْمِهِمْ وَلَيلَتِهِمْ، فَإِذَا فَعَلُوا. . فَأَخْبِرْهُمْ:

ــ

معاذًا إلى اليمن قال) لمعاذ على سبيل التوديع والإيصاء (إنك) يا معاذ (تَقدَمُ) وتأتي بفتح الدال من باب فَهِمَ (على قوم) من (أهل كتاب) أي من اليهود والنصارى (فليكن أول ما تدعوهم إليه) بنصب أول على أنَّه خبر يكن مقدم على اسمها (عبادة الله عَزَّ وَجَلَّ) برفع عبادة على أنَّه اسم يكن مؤخر ومعنى عَزَّ اتصف بجميع الكمالات وجلَّ تنزه عن جميع النقائص لأنَّ العزة من صفات الجمال، والجلالة من صفات الجلال، وقد تقدم أن أصل العبادة التذلل والخضوع وسُميت وظائف الشرع على المكلفين عبادات لأنهم يلتزمونها ويفعلونها خاضعين متذللين لله تعالى، والمراد بالعبادة هنا هو النطق بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله كما جاء مفسرًا في الرواية السابقة "فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله" (فإذا عرفوا الله فأخبرهم) أي إن أطاعوا بالنطق بذلك أي بكلمتي التوحيد كما قال في الرواية السابقة "فإن هم أطاعوا بذلك فأعلمهم" فسمى الطواعية بذلك والنطق به معرفة لأنه لا يكون غالبًا إلا عن المعرفة.

قال القاضي عياض رحمه الله تعالى قوله (فإذا عرفوا الله) إلخ هذا يدل على أنهم ليسوا بعارفين الله تعالى وهو مذهب حُذاق المتكلمين اليهود والنصارى أنهم غير عارفين الله تعالى وإن كانوا يعبدونه ويظهرون معرفته لدلالة السمع عندهم على هذا وإن كان العقل لا يمنع أن يعرف الله تعالى مَنْ كذَّب رسولًا، وقال القاضي أيضًا: ما عرف اللهَ تعالى مَنْ شبَّهه وجسَّمه من اليهود أو أجاز عليه البَدَاءَ أو أضاف إليه الولدَ منهم، أو أضاف إليه الصاحبةَ والولدَ، أو أجاز الحلول عليه والانتقال والامتزاج من النصارى أو وصفَهُ بما لا يليق به أو أضاف إليه الشريك، والمعاند في خلقه من المجوس والثنوية فمعبودهم الذي عبدوه ليس هو الله وإن سموه به إذ ليس موصوفًا بصفات الإله الواجبة، فإذن ما عرفوا الله تعالى فتحقق هذه النكتةَ واعتمد عليها.

أي فأخبرهم (أن الله) سبحانه وتعالى (فرض) وأوجب (عليهم) أي على المكلفين منهم (خمس صلوات في يومهم وليلتهم) والإضافة فيهما من إضافة الظرف إلى المظروف (فإذا فعلوا) ذلك المذكور من الصلوات الخمس وقبلوها والتزموها (فأخبرهم) أي

<<  <  ج: ص:  >  >>