و٣٨٢) واصطلاحًا عند الحنفية أيمان يقسم بها أهل المحلة التي وجد فيها القتيل ولم تظهر البينة الكاملة على قاتله بأنهم لم يقتلوه ولا يعرفون قاتله وعند الشافعية أيمان يقسم بها أولياء المقتول بأن فلانًا قتله إذا كان هناك لوث أو أيمان يقسم بها أولياء المدعى عليه بأنهم لم يقتلوه ولا يعرفون له قاتلًا إذا لم يكن هناك لوث.
واختلف الفقهاء في موجب القسامة فقالت الحنفية والشافعية موجبها الدية وهو قول معاوية وابن عباس والحسن وإسحاق والشعبي والنخعي والثوري رحمهم الله تعالى وقالت المالكية والحنابلة موجبها القصاص إن كانت الدعوى دعوى عمد وبه قال ابن الزبير وعمر بن عبد العزيز ولكن رجع عنه أبو ثور وابن منذر وهو القول القديم للشافعي رحمهم الله تعالى واستدل القائلون بالقصاص بقوله صلى الله عليه وسلم في حديث الباب في الرواية الأولى:(أتحلفون خمسين يمينًا فتستحقون صاحبكم أو قاتلكم).
واستحقاق القاتل إنما هو لأخذ القصاص منه وقد وقع في رواية الليث يقسم خمسون منكم على رجل منهم فيدفع برمته وهذا إنما يقال في محاورة العرب إذا دفع القاتل إلى أولياء المقتول ليأخذوا منه ثأرهم واستدل القائلون بالدية بما وقع في رواية أبي ليلى من قوله صلى الله عليه وسلم:"إما أن يدوا صاحبكم وإما أن يؤذنوا بحرب" ولأنها حجة إقناعية فلا توجب القصاص وهذا القول هو الأصح ولما كانت المسألة مجتهدًا فيها ساغ للحكومة الإسلامية اليوم أن يختاروا من هاتين الطريقتين ما هو أليق وأنسب بظروف بلادها الخاصة لأن اختلاف هذه الأمة رحمة وحكم الحاكم رافع للخلاف والله سبحانه وتعالى أعلم.
فائدة: والقسامة من سنن الجاهلية التي أقرها الإسلام فقد أخرج البخاري في المناقب في باب القسامة في الجاهلية عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إن أول قسامة كانت في الجاهلية لَفِينا بني هاشم كان رجل من بني هاشم (قال القسطلاني في الإرشاد [٦/ ١٧٩]) هو عمرو بن علقمة بن المطلب بن عبد مناف كما قال الزبير بن بكار وكأنه نسبه إلى بني هاشم لما كان بين بني هاشم وبني المطلب من المودة والإخاء اهـ استأجره رجل من قريش من فخذ أخرى اسمه خداش بن عبد الله بن أبي قيس العامري كما عند الزبير بن بكار كذا في إرشاد الساري أيضًا فانطلق معه في إبله فمر رجل به من