للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فكان أكثر مكة رباعًا فتبين من ذلك أن قسامة الجاهلية كان يبدأ فيها بأيمان المدعى عليهم ولما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أقر القسامة على ما كانت عليه في الجاهلية فالظاهر أنه أقر تحليف المدعى عليهم وأما قصة خيبر التي استدل بها الأئمة الثلاثة فقد اضطربت الروايات في بيانها فظاهر حديث الباب أنه صلى الله عليه وسلم حلف الأنصار قبل تحليف اليهود ولكن وقع في صحيح البخاري خلاف ذلك فيما أخرجه في الديات عن سهل بن أبي حثمة أن الأنصار انطلقوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله انطلقنا إلى خيبر فوجدنا أحدنا قتيلًا فقال: الكبر الكبر الكبر فقال لهم: تأتون بالبينة على من قتله فقالوا: ما لنا بينة قال: فيحلفون قالوا: لا نرضى بأيمان اليهود فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبطل دمه فوداه مائة من إبل الصدقة فهذه الرواية صريحة في أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحلف الأنصار وإنما طلب منهم البينة فلما أبوا عرض أيمان اليهود.

وذكر ابن قتيبة عن وهب بن منبه أنه قال: الحكم بالقسامة أوحاه الله تعالى إلى موسى في كل قتيل وجد بين قريتين أو محلتين فلم تزل بنو إسرائيل تحكم بها وقضى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم راجع كتاب المعارف لابن قتيبة (ص ٢٤٠) في ذكر الأوائل اهـ من التكملة.

قال القرطبي: والحديث كله حجة واضحة للجمهور من السلف والخلف على من أنكر العمل بالقسامة وهم سالم بن عبد الله وأبو قلابة ومسلم بن خالد وقتادة وابن علية وبعض المكيين فنفوا الحكم بها شرعًا في العمد والخطإ وقد رُوي ذلك عن عمر بن عبد العزيز والحكم بن عتيبة وقد روي عنهما العمل بها وقد روي نفي العمل به عن سليمان بن يسار والصحيح عنه روايته المذكورة عنه هنا حيث قال عن رجال من الأنصار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقر بالقسامة على ما كانت عليه في الجاهلية وظاهر هذا أنه يقول بها وهذا الحديث أيضًا حجة للجمهور على من أنكر العمل بها فإن ظاهره أنه صلى الله عليه وسلم وجد الناس على عمل فلما أسلموا واستقل بتبليغ الأحكام أقرَّها على ما كانت عليه فصار ذلك حكمًا شرعيًّا يعمل عليه ويحكم به لكن يجب أن يبحث عن كيفية عملهم الذي كانوا يعملونه فيها وشروطهم التي اشترطوها فيعمل بها من جهة إقرار النبي صلى الله عليه وسلم لا من جهة الاقتداء بالجاهلية فيها اهـ من المفهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>