أيضًا:(الثيب الزاني) قال القرطبي: الثيب هنا المحصن وهو اسم جنس يدخل فيه الذكر والأنثى وهو حجة على ما اتفق عليه المسلمون من أن حكم الزاني المحصن الرجم وسيأتي شروط الإحصان وبيان أحكام الرجم وقوله: (النفس بالنفس) موافق لقوله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} ويعني به النفوس المتكافئة في الإسلام والحرية بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: (لا يقتل مسلم بكافر) رواه البخاري عن علي بن أبي طالب [٦٩٠٣] رضي الله عنه وهو حجة للجمهور من الصحابة والتابعين على من خالفهم وقال: يقتل المسلم بالذمي وهم أصحاب الرأي والشعبي والنخعي ولا يصح لهم ما رووه من حديث ربيعة أن النبي صلى الله عليه وسلم قتل يوم خيبر مسلمًا بكافر وهو منقطع ومن حديث ابن البيلماني وهو ضعيف ولا يصح في الباب إلا حديث البخاري المتقدم وأما الحرية فشرط في التكافؤ فلا يقتل حر بعبد عند مالك والشافعي وأحمد وإسحاق وأبي ثور وهو قول الحسن وعطاء وعمرو بن دينار وعمر بن عبد العزيز محتجين في ذلك بأن العبد لما كان مالًا متقومًا كان كسائر الأموال إذا أتلفت فإنما يكون فيها قيمة المتلف بالغة ما بلغت والحر ليس بمال بالاتفاق فلا يكون كفؤًا للعبد فلا يقتل به ويغرم قيمته ولو فاقت على دية الحر ويجلد القاتل مائة ويحبس عامًا عند مالك وذهبت طائفة أخرى إلى أنه يقتل به وإليه ذهب سعيد بن المسيب والنخعي والشعبي وقتادة والثوري وأصحاب الرأي محتجين بقوله صلى الله عليه وسلم: المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم رواه أبو داود [٢٧٥١]، وابن ماجه [١٦٨٣]، وذهب النخعي والثوري في أحد قوليه إلى أنه يقتل به وإن كان عبده محتجين في ذلك بما رواه النسائي من حديث الحسن عن سمرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(من قتل عبده قتلناه ومن جدعه جدعناه ومن أخصاه خصيناه) رواه النسائي [٨/ ٢٠ - ٢١] قال البخاري عن علي بن المديني سماع الحسن عن سمرة صحيح وأخذ بهذا الحديث قال البخاري وأنا أذهب إليه وقال غيره لم يسمع الحسن عن سمرة إلا حديث العقيقة.
وقوله:(التارك لدينه) يعني به المرتد الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: "من بدّل دينه فاقتلوه" رواه أحمد [١/ ٢٨٢]، والبخاري [٦٩٢٢]، وهذا الحديث يدل على أن المرتد الذي يقتل هو الذي يبدل بدين الإسلام دين الكفر لأنه صلى الله عليه وسلم استثناه من قوله: لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث ثم ذكرهم وذكر منهم