من ولي الدم يخلصونك من القتل قصاصًا بأداء الدية عنك يعني يفادونك وينقذونك من القصاص بإعطائهم الدية عنك (قال) القاتل: (أنا أهون) وأحقر (على قومي) أي عند قومي (من ذاك) أي من شرائي وخلاصي من القتل بدفع الدية عني (فرمى) النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم (إليه) أي إلى قائده (بنسعته) أي بحبله الذي يقوده به (وقال) صلى الله عليه وسلم للقائد: (دونك) أي خذ (صاحبك) الذي تقوده فافعل به ما شئت وهذا إذن منه صلى الله عليه وسلم له باستيفاء حقه يعني خذ صاحبك فاستقد منه إن شئت قال الأبي: تمكين الولي من الدم إنما هو بعد إثبات مقدماته كرؤية جسد القتيل وأن هذا وليه وأنه أحق به ولا ولي له غيره وغير ذلك وهذا كله لم يذكر في الحديث فلعله علمه صلى الله عليه وسلم ولم يذكره الرواة (فانطلق) بصيغة الماضي أي ذهب (به) أي بالقاتل (الرَّجل) القائد يعني ولي الدم (فلما ولى) ذلك الرَّجل القائد به وأدبر (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم) لمن عنده: (إن قتله) أي إن قتل هذا القائد القاتل الذي يقوده (فهو) أي فهذا القائد (مثله) أي مثل القاتل في أنَّه لا فضل ولا منة لأحدهما على الآخر لأنه استوفى حقه منه بخلاف ما لو عفا عنه فإنَّه كان له الفضل والمنة وجزيل ثواب الآخرة وجميل الثناء في الدنيا أو المعنى فهو مثله في أنَّه قاتل وإن اختلفا في التحريم والإباحة لكنهما استويا في طاعة الغضب ومتابعة الهوى اهـ نووي فهذا هو المقصود بهذا الكلام لكن ظاهره يوهم أن الولي يستحق العذاب كما يستحق القاتل ولعل رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل هذا الكلام الموهم لترغيب الولي في العفو لأن في العفو مصلحة للجانبين فإن القاتل ينجو من الموت والولي يستحق بذلك الأجر وقوله: (فرجع) معطوف على محذوف تقديره فأبلغ رجل من الحاضرين عند النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إلى الرَّجل القائد كلام النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فرجع الرَّجل القائد بالقاتل إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم (فقال) له (يَا رسول الله إنه بلغني أنك قلت) في شأني (إن قتله فهو مثله و) قد (أخذته بأمرك) وإذنك حين قلت لي دونك صاحبك فماذا تأمرني الآن (فقال) له (رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما تريد أن يبوء)