مصريان أو مصري وبلخي (أنهما قالا: إنّ رجلًا من الأعراب) لم أر من ذكر اسمه ولا اسم بقية المبهم الذي في الحديث اهـ تنبيه المعلم على مبهمات مسلم (أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أنشدك الله) أي أقسم لك بالله فلفظ الجلالة منصوب بنزع الخافض الذي هو حرف القسم أي أسألك بالله رافعًا نشيدي أي صوتي (إلا قضيت لي بكتاب الله) أي بما تضمنه كتاب الله أي لا أسألك إلا التشاغل بالقضاء بيننا بحكم الله تعالى ولا أترك السؤال إلا إذا قضيت به بالفصل بيننا بالحكم الصرف لا بالتصالح والترغيب فيما هو الأرفق إذ للحكم أن يفعل ذلك ولكن برضى الخصمين وفي قوله: (إلا قضيت لي بكتاب الله) استعمال الفعل بعد الاستثناء بتأويله بمصدر وإن لم يكن فيه حرف مصدري لضرورة افتقار المعنى إليه وهو من المواضع التي يقع فيه الفعل موقع الاسم ويراد به النفي المحصور فيه المفعول والمعنى هنا لا أسألك إلا القضاء بكتاب الله ويحتمل أن تكون إلا جواب القسم لما فيها من معنى الحصر والمعنى على هذا أسألك بالله لا تفعل شيئًا إلا القضاء بكتاب الله تعالى كذا في فتح الباري [١٢/ ١٣٨] باب الاعتراف بالزنا وفي مخاطبة النبي صلى الله عليه وسلم بمثل هذا الكلام شيء من الجفوة لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يتصور منه إلا القضاء بحق موافق لكتاب الله فنشده على ذلك بما لا داعي إليه ولكن الرجل كان من الأعراب وهم يعذرون في مثل هذا الكلام ولذلك لم يعاتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا لامه وفيه حسن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وحلمه على من يخاطبه بما لا يليق به ثم المراد بكتاب الله ها هنا ما كتبه الله على عباده سواء كان مذكورًا في القرآن الكريم أو في السنة لأن الرجم والتغريب ليس لهما ذكر صريح في القرآن إلا بواسطة أمر الله تعالى باتباع رسوله وقيل: المراد بكتاب الله ما فيه من النهي عن أكل المال بالباطل لأنه كان أخذ منه الغنم والوليدة بغير حق فلذلك قال: الغنم والوليدة رد عليك ولكن رجح الحافظ في الفتح أن المراد بكتاب الله ما يتعقق بجميع أفراد القصة مما وقع به الجواب الآتي ذكره والله تعالى أعلم (فقال الخصم الآخر): له غير الرجل المذكور أولًا (وهو) أي وهذا الآخر (أفقه) أي أكثر فقهأ وفهمًا وأحسن أدبًا (منه) أي من الرجل الأول لأنه التزم بأدب