للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقَال: "تُبَايِعُونِي عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللهِ شَيئًا، وَلَا تَزْنُوا، وَلَا تَسْرِقُوا، {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إلا بِالْحَقِّ} [الأنعام: ١٥١]. فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ. وَمَنْ أَصَابَ شَيئًا مِنْ ذلِكَ فَعُوقِبَ بِهِ، فَهُوَ كَفَارَةٌ لَهُ. وَمَنْ أَصَابَ شَيئًا مِنْ ذلِكَ فَسَتَرَهُ اللهُ عَلَيهِ، فَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ. إِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ"

ــ

وأما رواية الصنابحي التي استدل بها العيني رحمه الله فأولها الحافظ رحمه الله بأن ذكر ليلة العقبة إنما جاء فيها لتعريف عبادة وتمدحه بها وليس المراد أن البيعة الآتي ذكرها وقعت في تلك الليلة اهـ تكملة (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: أ (تبايعوني) بتقدير همزة الاستفهام التقريري (على أن لا تشركوا بالله شيئًا ولا تزنوا ولا تسرقوا ولا تقتلوا النفس التي حرم الله) تعالى قتلها (إلا بالحق) وهي المعصومة بإيمان أو أمان (فمن وفى منكم) بتخفيف الفاء قاله النووي (فأجره) على ما وفى به واجب (على الله) تعالى على مقتضى وعده الذي لا يخلف أو على سبيل التفضل والإحسان وقال الحافظ في الفتح: عبر بعلى للمبالغة في تحقيق وقوعه كالواجبات ويتعين حمله على غير ظاهره للأدلة القائمة على أنه لا يجب على الله شيء اهـ (ومن أصاب) وارتكب (شيئًا من ذلك) المذكور من الزنا والسرقة وغيرهما (فعوقب به) أي حد عليه فيما إذا قامت عليه البينة أو أقرَّ به (فهو) أي ذلك العقاب الذي عوقب به عليه في الدنيا (كفارة) أي ساترة (له) أي لذلك المحرم الذي ارتكبه في الآخرة فلا يعاقب عليه في الآخرة وهذا في غير الشرك بالإجماع لأن الشرك لا يكفره شيء من العقوبات الدنيوية وأما في غير الشرك من المعاصي فظاهر هذا الحديث أن الحدود والعقوبات الدنيوية تكفرها وهو ما اختاره كثير من العلماء من أن الحدود جوابر لا زواجر وقال آخرون: إن الحدود إنما شرعت زاجرة لا كفارة فلا يكفي الحد عن إثم الآخرة واستدلوا بقوله تعالى في المحاربين وقطاع الطريق بعد ذكر عقوبتهم الدنيوية {ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} ولكن يجاب عنه بأن هذه الآية نزلت في العرنيين بعد ما ارتدوا عن الإسلام وقدمنا أن الحد لا يكفر عن الشرك بالإجماع (ومن أصاب) وارتكب (شيئًا من ذلك) المذكور (فستره الله) سبحانه (عليه) أي على ما ارتكبه من ذلك بأن لم تقم عليه بينة ولا أقر به (فأمره) أي فشأنه في العقوبة عليه في الآخرة والعفو عنه مفوض (إلى الله) سبحانه وتعالى (إن شاء) العفو عنه (عفا عنه) بفضله (وإن شاء) أن يعذبه عليه (عذبه) عليه بعدله

<<  <  ج: ص:  >  >>