للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الخصومات والمنازعات كما قاله الخصاف ومنها أنَّه قول ملزم يصدر عن ولاية عامة وحاصل هذه التعريفات كلها أنَّه قول ملزم وفق الأحكام الشرعية يفصل به خصومة فريقين والفرق بينه وبين الإفتاء أن الإفتاء إخبار عن حكم شرعي وليس فيه إلزام فلا يجب أن يولى المفتي من قبل الإمام بخلاف القضاء فإنه إلزام فلا يتحقق إلَّا من الَّذي ولاه الإمام ذلك.

(القضاء في الجاهلية) لم تكن في معظم أنحاء جزيرة العرب حكومات منظمة وقوية تهيمن على جميع مناطقها بسلطة مركزة وإنما كانت الحياة في الريف حياة بدوية قبائلية وكانت كل مدينة تستقل بنفسها في الحكومة فكانت حكومتها حكومة مدن كما يسميه علماء السياسة فلم تكن هناك والحال هذه هيئات قضائية ومؤسسات حكومية ذات قوانين مدونة للفصل في الخصومات على نحو ما تراه اليوم في الحكومات.

ولكن كان بين الجاهليين تعامل وعرف متبع في أمور عديدة من أمور الحياة التي يعيشون فيها مثل حقوق مرور القوافل وحقوق الجباية عن الأموال المستوردة أو المصدرة وفي موضع الحقوق والجنايات وما شاكل ذلك وإن هذا العرف قد توارثه كل قبيلة عن آبائها وأجدادها وجعلته كالقانون السائد في مجتمعها يرجع إليه في فصل الخصومات والمنازعات وكان رؤساء المدينة أو القبيلة يحكمون فيما شجر بينهم وفق عرفهم وعادتهم يجتمعون في مكان معين مثل دار الندوة بمكة وفي معبد أو في بيوت الوجهاء للنظر في الخصومات وفي المشكلات التي تقع في البلد ويتولى رؤساء الشعب أي الحارة والمحلة فض المنازعات التي تنشأ بين أفراد الشعب في الغالب.

أما إذا وقعت الخصومات بين أبناء شعاب مختلفة فقد يتفق رؤساء المحلات على فصل الخصومة بينهم باللجاء إلى محكمين يختارونهم من غيرهم ممن يرض عنهم المتخاصمون ويكونون في نظرهم محايدين لا علاقة لهم بذلك النزاع وقد يحال النزاع على رؤساء البلد أو الحي للنظر فيه ويشترط بالطبع على المتخاصمين كلهم الإذعان لقضاء الحكام والتسليم بما يحكمونه من حكم واشتهر بعض الناس في حسن القضاء مثل عامر بن الظرب العدواني لقب حاكم العرب وقاضي العرب كما في المعارف لابن قتيبة ص (٣٦) والأغاني [١٥/ ٧٠] وقد ذكر اليعقوبي في تاريخه [١/ ٢٢٧] أسماء الذين

<<  <  ج: ص:  >  >>