(فله أجران) أجر الاجتهاد وأجر لإصابته وذلك في حاكم أهل الاجتهاد (وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ) في اجتهاده (فله أجر) واحد أي على اجتهاده لأن اجتهاده في طلب الحق عبادة كما في المبارق وهذا أيضًا في حاكم أهل للحكم قادر على الاجتهاد محرز لشروطه وإذا لم يكن أهلًا للحكم فله وزر بل له أوزار والاجتهاد المعنى في هذا الباب هو بذل الوسع في طلب الحكم الشرعي في النوازل اهـ مفهم قال النووي رحمه الله: أجمع المسلمون على أن هذا الحديث في حاكم عالم أهل للحكم فإن أصاب فله أجران: أجر باجتهاده وأجر بإصابته وإن أخطأ فله أجر باجتهاده قالوا: فأما من ليس بأهل للحكم فلا يحل له الحكم فإن حكم فلا أجر له بل هو آثم ولا ينفذ حكمه سواء وافق الحق أم لا لأن إصابته اتفاقية ليست صادرة عن أصل شرعي فهو عاص في جميع أحكامه سواء وافق الصواب أم لا وهي مردودة كلها ولا يعذر في شيء من ذلك وقد جاء في حديث أخرجه أصحاب السنن (القضاة ثلاثة قاض في الجنّة واثنان في النار قاضٍ عرف الحق ففضى فهو في الجنّة وقاض عرف الحق ففضى بخلافه فهو في النار وقاضٍ قضى على جهل فهو في النار) اهـ قال القرطبي قوله (فأصاب) أي حكم فأصاب وجه الحكم وهو أن يحكم بالحق لمستحقه في نفس الأمر عند الله تعالى فهذا يكون له أجر بحسب اجتهاده وأجر بسبب إصابة ما هو المقصود لنفسه والخطأ الَّذي يناقض هذا هو أن يجتهد في حجج الخصمين فيظن أن الحق لأحدهما وذلك بحسب ما سمع من كلامه وحجته فيقضي له وليس كذلك عند الله تعالى فهذا له أجر اجتهاده خاصة إذ لا إصابة وهذا المعنى هو الَّذي أراده النبي صلى الله عليه وسلم بقوله فلعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له على حسب ما أسمع وفي الرواية الأخرى (فأحسب أنَّه صادق فأقضي له) وهذا في الحاكم بين الخصوم واضح لأن هنالك حقًّا معينًا عند الله تعالى تنازعه الخصمان لأن أحد الخصمين مبطل قطعًا لأنهما تقاسما الصدق والكذب فمتى صدق أحدهما كذب الآخر والحاكم إنما يجتهد في تعيين الحق فقد يصيبه وقد يخطئه وعلى هذا فلا ينبغي أن يختلف هنا في أن المصيب واحد وأن الحق في طرف واحد اهـ من المفهم. وأعظم فوائد هذا الحديث أن الحاكم لا بد أن يكون من أهل الاجتهاد فإذا اجتهد وحكم فلا بد له من الأجر فإما ضعفان مع الإصابة وإما ضعف واحد مع الخطأ فأما لو كان جاهلًا أو مقصرًا في اجتهاده فهو عاص آثم في كل ما