(فغضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى احمرت وجنتاه) لشدة غضبه (أو) قال الراوي (حتى احمر وجهه) - صلى الله عليه وسلم - والشك من يزيد مولى المنبعث فيما قاله زيد بن خالد والوجنتان تثنية وجنة والوجنة بفتح الواو وضمها وكسرها وفيها لغة رابعة أجنة بضم الهمزة وهي اللحم المرتفع من الخدين ويقال رجل موجن وواجن أي عظيم الوجنة وجمعها وجنات ويجيء فيها اللغات المعروفة في جمع قصعة وحجرة وكسرة اهـ نووي كره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - السؤال عن أخذها مع عدم ظهور الحاجة إليه ومال الغير لا يباح أخذه إلا لحاجة اهـ هامش واختلف العلماء في وجه غضب النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال الحافظ في الفتح [١/ ١٨٧]، إما لأنه نهى قبل ذلك عن التقاطها وإما لأنَّ السائل قصر في فهمه فقاس ما يتعين التقاطه على ما لا يتعين اهـ وقال الخطابي إنما كان غضبه استقصارًا لعلم السائل وسوء فهمه إذ لم يراع المعنى المشار إليه ولم ينتبه له فقاس الشيء على غير نظيره فإن اللقطة إنما هي اسم للشيء الذي يسقط من صاحبه ولا يدرى أين موضعه وليس كذلك الإبل فإنها مخالفة للقطة اسمًا وصفة فإنها غير عادمة أسباب القدرة على العود إلى صاحبها لقوة سيرها وكون الحذاء والسقاء معها لأنها ترد الماء ربعًا وخمسًا وتمتنع من الذئاب وغيرها من صغار السباع ومن التردي وغير ذلك بخلاف الغنم فإنها بالعكس فجعل سبيل الغنم سبيل اللقطة اهـ (قلت) ويحتمل أن يكون الغضب على كثرة السؤال في المسائل المفروضة التي لم تقع بعد فكأنه - صلى الله عليه وسلم - أنكر ذلك والله سبحانه وتعالى أعلم (ثمَّ قال) له (ما لك ولها) أي: أي حاجة لك في أخذها (معها حذاؤها) بكسر الحاء أي خفها (وسقاؤها) أي جوفها وقيل عنقها وأشار بذلك إلى استغنائها عن الحفظ لها بما ركب في طباعها من الجلادة على العطش وتناول المأكول بغير تعب لطول عنقها فلا تخاف من السباع ولا تحتاج إلى ملتقط وقوله (حتى يلقاها ربها) غاية لمحذوف تقديره دعها واتركها (حتى يلقاها ربها) فيأخذها وفي رواية سليمان بن بلال عند البخاري فذرها حتى يلقاها ربها وفيه دليل صريح لمذهب الأئمة الحجازيين في أن الأفضل في البعير والبقر والفرس أن لا يأخذها بل يتركها حتى يلقاها ربها وقال الحنفية: الالتقاط اليوم أفضل لفساد أحوال الناس.