للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِمَكَّةَ فَقَال: لَا أَدْرِي بِثَلاثَةِ أَحْوَالٍ أَوْ حَوْلٍ وَاحِدٍ

ــ

(بمكة) فقلت له: هل قال لك سويد بن غفلة عندما حدثك هذا الحديث عرفها أبي ثلاثة أعوام أو بعام واحد (فقال) لي سلمة: (لا أدري) ولا أعلم هل قال لي سويد بن غفلة عرفها أبي (بثلاثة أحوال أو) عرفها بـ (حول واحد) يعني في الاستظهار وكأن شعبة شك في عدم الاستظهار هل هو في سنة واحدة فلقيه بعد ذلك بعشر سنين فسأله فأخبره أنَّه كان عامًا فزال شكه والله تعالى أعلم اهـ من المفهم.

قوله (فلا أدري) هذا شك من الراوي والشك يوجب سقوط المشكوك فيه وهو الثلاثة فوجب العمل بالجزم وهو رواية العام الواحد قال القسطلاني وفي شرح النوويّ عن القاضي قد أجمع العلماء على الاكتفاء بتعريف سنة ولم يشترط أحد تعريف ثلاثة أعوام إلا ما روي عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ولعله لم يثبت عنه وفي كون المدة سنة تفصيل عند الفقهاء بين قلة ما يلتقطه وكثرته كما بين في الفروع اهـ من بعض الهوامش.

قال القرطبي استدلال أبي بن كعب بحديث المائة دينار حيث سئل عن التقاط السوط يدل على أن مذهبه التسوية بين قليل اللقطة وكثيرها في وجوب التعريف بها سنة وأنه يستظهر بعد ذلك بحولين وهذا لم يقل به أحد في الشيء اليسير وقدمنا أنَّه لم يأخذ أحد من العلماء بتعريف ثلاثة أعوام إلا شيء رُوي عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - والجمهور على أن التعريف فيما له بال سنة لأنَّ صاحبها إن كان حاضرًا تنبه لها وتذكرها وظهر طلبه لها في هذه السنة وإن كان غائبًا أمكن عوده وطلبها في هذه السنة أو يسمع خبره فيها فإذا لم يأت بعد السنة فالظاهر الغالب أنَّه هلك وأن هذا المال ضائع فواجده أولى به لما تقدم في الشيء الكثير فأما في الشيء اليسير فيمكن أن يكون صاحبه تركه استسهالًا واستخفافًا وأنه غير محتاج إليه وهذا في التمرة والكسرة واضح فلا يحتاج إلى تعريف وألحق بعض أصحابنا أقل من الدرهم بذلك وأبعد أبو حنيفة فقال: لا تعريف في أقل من ثمانية دراهم وأبعد من هذا قول إسحاق إن الدينار لا يحتاج إلى تعريف تمسكًا بحديث علي - رضي الله عنه - وقد قدمنا أنَّه لا حجة فيه.

وأما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي بزيادة التعريف على سنة بسنة أو سنتين على اختلاف الرواية فذلك مبالغة واحتياط على جهة الاستحباب كما تقدم لا سيما مع

<<  <  ج: ص:  >  >>