للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَلَمَّا يَبْنِ. وَلَا آخَرُ قَدْ بَنَى بُنْيَانًا، وَلَمَّا يَرْفَعْ سُقُفَهَا. وَلَا آخَرُ قَدِ اشْتَرَى غَنَمًا أَوْ خَلِفَاتٍ، وَهُوَ مُنْتَظِرٌ ولادَهَا

ــ

وسكون المعجمة يطلق على الفرج والتزويج والجماع والمعاني الثلاثة لائقة هنا (ولما يبن) أي والحال أنه لم يبن ولم يدخل بها ولم يجامعها بعد ونفسه متعلقة بها وهو مضارع مجزوم بلما من البناء والبناء بالمرأة الدخول عليها لأنه يبنى لها أول الزفاف بيت من الستارة في داخل الدار لكن التعبير بـ (لما) يشعر بتوقع ذلك وفي التقييد بعدم الدخول ما يفهم أن الأمر بعد الدخول بخلاف ذلك فلا يخفى فرق بين الأمرين وإن كان بعد الدخول ربما استمر تعلق القلب لكن ليس هو كما قبل الدخول غالبًا كذا في الفتح (ولا) يتبعني رجل (آخر قد بنى بنيانًا) أي جدارنا من الدار (و) الحال أنه (لما يرفع سقفها) عليها بضم السين والقاف جمع السقف بفتح فسكون ووهم الحافظ في ضبطه بفتح السين وإسكان القاف أي ولم يتم ما يتعلق بضرورة عمارته بعمل سقفها والبنيان مفرد لا جمع بدليل قوله تعالى: {لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا} وقال: {كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} فتأنيث الضمير على قول بعضهم هو جمع بنيانة مثل نخل ونخلة ولكن هذا النحو من الجمع يصح تذكيره وتأنيثه ولعل رواية الحديث أريد فيها غير واحد من البناء بدليل لفظ السقف وقع مضبوطًا بضمتين في جميع النسح قال تعالى: {لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ} ويؤيد ذلك رواية البخاري (بنى بيوتًا ولم يرفع سقوفها) (ولا) يتبعني رجل (آخر قد اشترى غنمًا أو خلفات) جمع خلفة ككلمة وكلمات وهي الحامل من الإبل (وهو) أي والحال أنه (منتظر ولادها) أي نتاجها وهو بكسر الواو مصدر ولادًا وولادة وأوفي قوله (أو خلفات) للتنويع لا للشك ويكون قد حذف وصف الغنم بالحامل لدلالة الثاني عليه أو هو على إطلاقه لأن الغنم يقل صبرها فيخشى عليها الضياع بخلاف النوق فلا يخشى عليها إلا مع الحمل وقد وقع في رواية أبي يعلى عن محمد بن العلاء ولا رجل له غنم أو بقر أو خلفات كذا في فتح الباري والحكمة في منع هؤلاء من الغزو أن قلبهم مشغول بما ذكر ولذلك قال النووي في هذا الحديث أن الأمور المهمة ينبغي أن لا تفوض إلا إلى أولي الحزم وفراغ البال لها ولا تفوض إلى متعلق القلب بغيرها لأن ذلك يضعف عزمه ويفوت كمال بذل وسعه وقال الأبي في شرحه [٥/ ٨٥] والأظهر أن الحديث من باب (لا يقضي القاضي وهو غضبان) فهو من باب تنقيح المناط فالمعنى لا يتبعني من قلبه مشغول بأي شيء كان اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>