خاف عليه أن يغدروه ومعاذ الله أن يظن بهم ذلك ولعله خاف أن يغلظوا له في العتاب ويكون عند أبي بكر جفاء فتتغير لذلك نفسه وقد عرفت أن هذا الكلام كله للزهري (إني والله لآتينهم فدخل عليهم أبو بكر فتشهد علي بن أبي طالب ثم قال) علي: (إنا قد عرفنا يا أبا بكر فضيلتك وما أعطاك الله) تعالى من السابقية إلى الإسلام وما أعطاك من الخلافة ولم ننفس من باب فرح أي لم نحسد (عليك خيرًا ساقه الله إليك) يعني الخلافة (ولكنك استبددت) وانفردت بالاستئثار (علينا بالأمر) أي بأمر الخلافة ولم تشاور معنا معاشر أهل البيت (وكنا نحن) معاشر أهل البيت (نرى لنا حقًّا) في المشاورة معنا (لقرابتنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم) يقال: استبد بالأمر إذا انفرد به من غير مشارك له فيه وفي شعر عمر بن أبي ربيعة (إنما العاجز من لا يستبد) وفي شرح النووي وكان عذر أبي بكر وعمر وسائر الصحابة واضحًا لأنهم رأوا المبادرة بالبيعة من أعظم مصالح المسلمين وخافوا من تأخيرها حصول خلاف ونزاع تترتب عليه مفاسد عظيمة ولهذا أخروا دفن النبي صلى الله عليه وسلم حتى عقدوا البيعة لكونها كانت أهم الأمور كي لا يقع نزاع في مدفنه أو كفنه أو غسله أو الصلاة عليه أو غير ذلك وليس لهم من يفصل الأمور فرأوا تقديم البيعة أهم الأشياء اهـ (فلم يزل) علي (يكلم أبا بكر حتى فاضت) وسالت دمعًا (عينا أبي بكر) أي امتلأتا دمعًا وسال منصبًا (فلما تكلم أبو بكر قال: والذي نفسي بيده لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي لأن أصل قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم (أحب الي أن أصل من قرابتي) متعلق بأحب يعني أنا أشد حبًّا لصلة قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلة قرابتي وهذا قاله على سبيل الاعتذار عن منعه سيدتنا فاطمة ما طلبته من تركة النبي صلى الله عليه وسلم (وأما الدي شجر بيني وبينكم) أي اضطرب واختلف واختلط قال تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى