ثم هذا ليس من تمني الموت المنهي عنه لأن ذلك فيمن تمناه لضر نزل به وهذا إنما تمنى انفجارها ليكون شهيدًا قاله النووي:(فانفجرت) أي انشقت جراحته (من لبته) أي من أسفل عنقه وصدره واللبة موضع القلادة من الصدر قال الحافظ: وكان موضع الجرح ورم حتى اتصل الورم إلى صدره فانفجر الدم من ثم اهـ قال النووي: هكذا هو في معظم الأصول المعتمدة (لبته) وهي النحر وفي بعض الأصول (من ليته) والليت صفحة العنق وفي بعضها (من ليلته) قال القاضي وهو الصواب كما اتفقوا عليه في الرواية التي بعد هذه قال الحافظ في الفتح قوله: (فانفجرت من لبته) يعني انفجرت من نحره وسبب ذلك ما وقع في مسند حميد بن هلال عند ابن سعد ولفظه أنه مرت به عنز وهو مضطجع فأصاب ظلفها موضع الجرح فانفجرت حتى مات وهكذا استجيبت دعوته لما أنه لم يكن بعد الأحزاب حرب مع قريش إلى فتح مكة وبهذا ظهر ما قاله بعض الشراح من أن سعدًا كان مخطئًا في ظنه في وضع الحرب وأنه لم يستجب دعاؤه غير وارد راجع فتح الباري للتفصيل (فلم يرعهم) أي فلم يفجع أهل المسجد ولم يفزعهم وضمير الجمع هنا لمن في خيمة بني غفار وحيث كانوا في ذهن عائشة رضي الله تعالى عنها أضمرت لهم بدون ذكرهم ثم بدا لها أن تذكرهم فجاءت بجملة معترضة وهي قولها (وفي المسجد) الشريف (معه) أي مع سعد (خيمة من بني غفار) قبيلة مشهورة (إلا والدم يسيل إليهم) والواو بعد الاستثناء زائدة كما هي غير موجودة في رواية البخاري والمعنى فلم يفزع أهل المسجد إلا الدم الذي جرى إليهم وهو دم سعد أتاهم بغتة يسيل إليهم وكان في المسجد الشريف خيمة أخرى من خيام بني غفار فظن أهل المسجد أن الدم جاء من قبلهم (فقالوا) أي فقال أهل المسجد: (يا أهل الخيمة) يريدون بني غفار (ما هذا) الدم (الذي يأتينا من قبلكم) أي جهتكم (فإذا سعد) بن معاذ إذا فجائية والفاء عاطفة على ما قبلها (جرحه يغذ) بالغين والذال المعجمتين من باب حن يحن أي يسيل (دمًا) غير منقطع أي ففي الوقت الذي قالوا ذلك يغذ جرح سعد دمًا أو ففاجأهم سيلان جرحه دمًا ولفظ رواية البخاري (فإذا سعد يغذو جرحه دمًا) أي يسيل من باب دعا (فمات) سعد (منها) أي من تلك