بالشهادتين دون اعتقادٍ كاف، وقال القاضي عياض: ويحتج به من يرى أن التصديق بالقلب دون النطق كافٍ، ولا يكفي عند أهل السنة إلا لمن بلسانه آفة، أو اخترمته المنية ولا حجة له فيه؛ لأنه قد فسره قوله في الحديث الآخر (من قال لا إله إلا الله) فلا بد من الجمع بين الاعتقاد والنطق عند أهل السنة.
وحديث عثمان هذا انفرد به مسلم عن أصحاب الأمهات ولكن شاركه أحمد ورواه في (١/ ٦٥ و ٦٩) قال القاضي عياض: جاءت في هذا الباب أحاديث كثيرة بألفاظ مختلفة، للسلف فيها خبط كثير، ففي هذا (من مات وهو يعلم) وفي حديث معاذ (من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة) وعنه في آخر (من لقي الله لا يشرك به شيئًا دخل الجنة) وفي آخر (من لقيه يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله صدقًا من قلبه حرمه الله تعالى على النار) وهو بمعنى حديث عبادة بن الصامت وحديث عتبان، وفي حديث أبي هريرة (لا يلقى الله بهما عبدٌ غير شاكٍّ إلا دخل الجنة) وفي آخر عنه (لا يحجب عن الجنة) وفي حديث أبي ذر وأبي الدرداء (ما من عبد قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله) قال المازري: ولما دلت الظواهر على نفوذ الوعيد في طائفة من العصاة واقتضت هذه الأحاديث أمنهم تعين فيها التأويل صونًا لظاهر الشرع من التناقض، فأولها ابن المسيب بأن ذلك كان قبل نزول الفرائض، وأما بعد نزولها فالعاصي في المشيئة، وأولها الحسن بحملها على من مات ولم يعصِ، وحملها البخاري على من مات وهو تائب.
قال النواوي: ويبعد فيها تأويل ابن المسيب لأن أبا هريرة أحد رواتها وهو متأخر الإسلام أسلم عام خيبر وكانت الفرائض فُرضت، وأولها ابن الصلاح بأن إسقاط ما زاد على الشهادتين يجوز أن يكون من الرواة لا من النبي صلى الله عليه وسلم، قال الأبي (قلت): الأحاديث تدور على سبعة من أجلة الصحابة وعشرة من التابعين؛ فيبعد أن يسقطها الجميع، ثم لعل أبا هريرة تحمله قبل إسلامه، قال القاضي عياض: لا يمتنع حمل الأحاديث على ظاهرها وتستغني عن التأويل، فإن العاصي عندنا في المشيئة يجوز أن يُغفر له بدءًا فيلتحق بمن لم يعصِ فلا يدخل النار إلا دخول ورود، ويجوز أن ينفذ فيه الوعيد فيدخلها ثم لا بد له من دخول الجنة فأحاديث دخول الجنة وعد على ظاهره، إذ لا بد له من دخول الجنة بدءًا أو بعد الجزاء، وأحاديث حرَّم الله عليه النار يعني حرَّم