هرقل (لترجمانه قل له) أي لأبي سفيان (إني سألتك عن حسبه فزعمت أنه فيكم ذو حسب) عظيم (وكذلك الرسل تبعث في أحساب قومها) أي في أفضل أنسابهم وأشرفها قيل الحكمة في ذلك أنه أبعد من انتحاله الباطل وأقرب إلى انقياد الناس له اهـ نووي قال الحافظ والظاهر أن إخبار هرقل بذلك بالجزم كان عن العلم المقرر عنده في الكتب السالفة وقال القاضي عياض فيه دليل على أن ذوي الأحساب أولى بالتقدم في أمور المسلمين ومهماتهم الدينية والدنيوية ولذلك جعلت الخلافة على قول دهماء المسلمين وصحيح الأخبار في قريش لأن ذوي الأحساب أحوط على عدم تدنيس أحسابهم بما لا يليق اهـ من الأبي [٥/ ١٠٠ و ١٠١](وسألتك هل كان في آبائه ملك فزعمت أن لا) ملك فيهم (فقلت) في نفسي (لو كان من أبائه ملك قلت) هو (رجل يطلب ملك آبائه وسألتك عن أتباعه أضعفاؤهم) أي هل هم ضعفاء الناس (أم أشرافهم فقلت بل) هم (ضعفاؤهم وهم أتباع الرسل) أي لكون الأشراف يأنفون من تقدم مثلهم عليهم والضعفاء لا يأنفون فيسرعون إلى الانقياد واتباع الحق والمعنى أن أتباع الرسل في الغالب أهل الاستكانة لا أهل الاستكبار الذين أصروا على الشقاق بغيًا وحسدًا كأبي جهل وأشياعه (وسألتك هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال) من دعوى النبوة (فزعمت أن لا) نتهم (فقد عرفت) من جوابك هذا (أنه) أي أن ذلك الرجل (لم يكن ليدع) بكسر اللام لأنها لام الجحود وفائدتها تأكيد نفي ما قبلها (الكذب على الناس) فيه قلب أي ليدع الناس ويتركهم على الكذب (ثم يذهب) بالنصب عطفًا على يدع وقوله: (فيكذب على الله) بالنصب أيضًا عطفًا على يذهب والمعنى فقد عرفت أنه لم يكن مريدًا ترك الناس على الكذب ثم ذهابه فكذبه على الله وإنما قلنا اللام لام الجحود لثبوت الصدق في ضابطها عليه كما قال بعضهم في ضبطها: