قَال: فَمَا زِلْتُ مُوقنًا بِأَمْرِ رَسُولِ الله صلى الله عَلَيهِ وَسَلمَ أَنهُ سَيَظْهَرُ،
ــ
وتطابقت عليه الرسل قال أبو سفيان كما هو مصرح به في رواية البخاري (فلما فرغ) هرقل (من قراءة الكتاب ارتفعت الأصوات) أي أصوات الذين (عنده) وحوله من عظماء الروم (وكثر اللغط) أي الأصوات المختلطة والصياح والشغب. وقيل: اللغط هو كلام فيه جلبة واختلاط ولا يتبين (وأمر) هرقل (بنا) أي بإخراجنا من مجلسه (فأخرجنا) منه بالبناء للمجهول (قال) أبو سفيان (فقلت لأصحابي) ورفقتي القرشيين (حين خرجنا) من مجلسه والله (لقد أمر) وعظم (أمر ابن أبي كبشة) أي شأنه يريد به النبي صلى الله عليه وسلم وقوله لقد أمر بفتح الهمزة وكسر الميم من باب فرح أمر ابن أبي كبشة أراد به النبي صلى الله عليه وسلم لأن أبا كبشة أحد أجداده وعادة العرب إذا انتقصت نسبت إلى جد غامض وقد ذكر الحافظ في الفتح [١/ ٤٠] عدة توجيهات لهذه النسبة وذكر أن ابن حبيب ذكر جماعة من أجداد النبي صلى الله عليه وسلم من قبل أبيه ومن قبل أمه كل واحد منهم يكنى أبا كبشة وقيل هو أبوه من الرضاعة واسمه الحارث بن عبد العزى قاله أبو الفتح الأزدي وابن مأكولا وذكر يونس بن بكير عن ابن إسحاق عن أبيه عن رجال من قومه أنه أسلم وكانت له بنت تسمى كبشة يكنى بها وقال ابن قتيبة هو رجل من خزاعة خالف قريشًا في عبادة الأوثان فعبد الشعرى فنسبوه إليه للاشتراك في مطلق المخالفة وكذا قاله الزبير قال واسمه وجز بن عامر بن غالب كذا في الفتح.
ثم علل عظم أمره بقوله (أنه) أي إن ابن أبي كبشة يعني النبي صلى الله عليه وسلم (ليخافه ملك بني الأصفر) وبنو الأصفر هم الروم ويقال: إن جدهم روم بن عيص بن إسحاق بن إبراهيم عليهما السلام تزوج بنت ملك الحبشة فجاء لون ولده بين البياض والسواد فقيل له الأصفر وقيل إنما لقب به لأن جدته سارة زوج إبراهيم - عليه السلام - حلته بالذهب كذا في فتح الباري.
(قال) أبو سفيان: (فما زلت موقنًا) أي مصدقًا (بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي بشأنه ودينه وقوله (أنه سيظهر) بفتح الهمزة في تأويل مصدر مجرور على البدلية