ما ولى رسول الله) ما زائدة زيدت لتأكيد النفي المفهوم من لا أي ما فر رسول الله صلى الله عليه وسلم قال النووي: هذا الجواب من بديع الأدب لأن تقدير الكلام فررتم كلكم فيقتضي أن النبي صلى الله عليه وسلم وافقهم في ذلك فقال البراء لا والله ما فر النبي صلى الله عليه وسلم ولكن جماعة من الصحابة جرى لهم كذا وكذا اهـ.
ويحتمل أن السائل أخذ التعميم من قوله تعالى {ثُمَّ وَلَّيتُمْ مُدْبِرِينَ} فبين له البراء أنه من العموم الذي أريد به الخصوص والمعنى نحن فررنا ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفر وحذف فرارهم لأنه لم يرد أن يصرح بفرارهم ومعلوم من حال نبينا وغيره من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام عدم الفرار لفرط إقدامهم وشجاعتهم وثقتهم لوعد الله في رغبتهم في الشهادة ولم يثبت عن أحد منهم أنه فر ومن قال ذلك في النبي قتل ولم يستتب عند مالك (ولكنه) أي ولكن الشأن والحال (خرج) من المركز أو من مكة (شبان أصحابه) صلى الله عليه وسلم جمع شاب كواحد ووحدان أي قليل عمرهم ليس لهم تجربة في الأمور (وأخفاوهم) عقولًا جمع خفيف كطبيب وأطباء وأراد بهم المستعجلين في الأمور المسارعين فيها ووقع هذا الحرف في رواية إبراهيم الحربي والهروي وغيرهم (جفاؤهم) بجيم مضمومة وبالمد وفسروه بسرعانهم قال تشبيهًا بجفاء السيل وهو غثاؤه قال القاضي إن صحت هذه الرواية فمعناها ما سبق من خروج من خرج معهم من أهل مكة ومن انضاف إليهم ممن لم يستعدوا وإنما خرج للغنيمة من النساء والصبيان ومن في قلبه مرض فشبهه بغثاء السيل اهـ نووي. أي خرج هؤلاء من مكة حالة كونهم (حسرًا) جمع حاسر كساجد وسجد والحاسر من ليس عليه درع ولا مغفر أي عارين من السلاح وفسره بقوله (ليس عليهم سلاح) أي لباس حرب قال أبو إسحاق (أو) قال البراء ليس عليه (كثير سلاح) والشك من أبي إسحاق فيما قال البراء (فلقوا) أي فلقى أولئك الشبان (قومًا) من الأعداء (رماة) جمع رام كقضاة وقاض أي قومًا ماهرين في رمي السلاح إلا يكاد) أي لا يقرب أن (يسقط لهم سهم) يعني أنهم رماة مهرة تصل سهامهم إلى أغراضهم كما قال ما يكادون يخطئون (جمع هوازن)