اليمانية قال الأبي: يعني باليمانية الأنصار لأنهم ليسوا من معد وتقدم أن العرب عربان يمنية ومعدية والمعدية ما كان من ذرية إسماعيل واليمنية ما كان من غيرهم وقيل نسب حذيفة إلى اليمان لكون اليمان جده الأعلى كذا في الأبي وما قيل إن والد حذيفة هذا كان مسلمًا واستشهد يوم أحد بأيدي المسلمين خطأ وقصته مفصلة في صحيح البخاري (قال) حذيفة: (فأخدنا) أي أمسكنا (كفار قريش) فـ (ـقالوا) لنا: (إنكم تريدون محمدًا فقلنا) لهم: (ما نريده) أي ما نريد محمدًا بل (ما نريد إلا المدينة) قال القاضي عياض فيه جواز الكذب والتعريض للخائف للضرورة وقد تقدمت هذه المسألة بتفاصيلها في باب جواز الخداع في الحرب اهـ (فأخذوا منا عهد الله) على ذلك (وميثاقه) تعالى وهو العهد المؤكد باليمين على أننا (لننصرفن) ونرجعن (إلى المدينة ولا نقاتل معه) أي مع محمد (فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرناه) صلى الله عليه وسلم (الخبر) الذي جرى بيننا وبين كفار قريش من العهد والميثاق (فقال) لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (انصرفا) وارجعا إلى المدينة (نفي لهم بعهدهم) الذي جعلوه عليكم أي نتمم لهم عهدهم ولا ننقض وفي نسخة ففيا لهم بعهدهم بصيغة التثنية من الأمر بالوفاء وقوله نفي هو مضارع من الوفاء أيضًا (ونستعين الله عليهم) أي على قتالهم قال النووي قوله (نفي لهم بعهدهم) هذا ليس للإيجاب فإنه لا يجب الوفاء بترك الجهاد مع الإمام أو نائبه ولكن أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يشيع من أصحابه نقض العهد وإن كان لا يلزمهم ذلك لأن المشيع عليهم لا يذكر تأويلًا قال الأبي: واختلف العلماء في الأسير يعاهد أن لا يهرب فقال الشافعي والكوفيون لا يلزمه الوفاء وقال مالك يلزمه وقال ابن القاسم وابن المواز إن أكرهه على أن يحلف لم يلزمه لأنه مكره وقال بعض الفقهاء: لا فرق بين الحلف والعهد وخروجه من بلد الكفر واجب اهـ.
وهذا الحديث مما انفرد به الإمام مسلم من أصحاب الأمهات وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب خمسة أحاديث الأول: حديث البراء بن عازب ذكره للاستدلال به