محمد بن مسلمة (ائذن لي فلأقل) في نفسي وفيك ما فيه مصلحة من التعريض وغيره في قتله أي فأذن لي أن أقول شيئًا كما هو لفظ رواية البخاري في المغازي وقال النووي: معناه فأذن لي أن أقول عني وعنك ما رأيته مصلحة من التعريض وغيره ففيه دليل على جواز التعريض وهو أن يأتي بكلام باطنه صحيح ويفهم منه المخاطب غير ذلك فهذا جائز في الحرب وغيرها ما لم يمنع به حقًّا شرعيًّا اهـ والظاهر أن الفاء في قوله (فلأقل) عاطفة على ائذن واللام لام الأمر إما مكسورة أو ساكنة وليس فيم كي ولذلك جزمت الفعل (قال) رسول الله لمحمد بن مسلمة (قل) في ما شئت مما رأيته مصلحة قتله (فأتاه) أي فأتى محمد بن مسلمة كعبًا (فقال) محمد بن مسلمة (له) أي لكعب ما فيه مصلحة من التعريض (وذكر) محمد بن مسلمة (ما بينهما) أي ما بين كعب ومحمد بن مسلمة من الصداقة والألفة في الجاهلية قال الأبي في السير لما أتاه محمد بن مسلمة قال له: ويحك يابن الأشرف إني جئتك لحاجة أذكرها لك فاكتمها علي قال: سأفعل قال: كان قدوم هذا الرجل علينا بلاء عادتنا العرب ورمتنا عن قوس واحدة وقطعت عنا السبيل حتى ضاق العيال وجهدت الأنفس فقال كعب: أما والله لقد كنت أخبرك يابن مسلمة أن الأمر يصير إلى ما تقول اهـ (وقال) محمد بن مسلمة: (إن هذا الرجل) الذي قدم علينا (قد أراد) منا وطلب (صدقة) أي زكاة من أموالنا (وقد عنانا) أي أتعبنا بكثرة طلباته وهو بتشديد النون من العناء وهو التعب والمشقة يعني أتعبنا وأوقعنا وجعلنا في مشقة وعناء وكلفنا ما يشق علينا وقوله (إن هذا الرجل) يريد به رسول الله صلى الله عليه وسلم قال النووي: هذا من التعريض الجائز بل المستحب لأن معناه في الباطن أنه أدبنا بآداب الشرع التي فيها تعب لكنه تعب في مرضاة الله تعالى فهو محبوب لنا والذي فهم منه المخاطب منه أنه أراد العناء الذي هو المكروه (فلما سمعه) أي فلما سمع كعب بن الأشرف هذا الكلام من محمد بن مسلمة (قال) كعب: (وأيضًا والله لتملنه) أي رجعنا إلى العناء رجوعًا والله لتضجرن منه ضجرًا أكثر من هذا الضجر الذي ذكرته وقوله لتملنه بفتح اللام والميم وضم اللام الثانية المشددة لأن أصله لتملونن من الملل وهو الضجر والكسل أي لتضجرن من طلباته يعني سوف تضجرون منه صلى الله عليه وسلم ضجرًا أكثر من هذا (قال) محمد بن مسلمة: (إنا قد اتبعناه الآن) في دينه (ونكره) أي نستحي